احتفالية المعهد باليوم العالمي للغة العربية

التأمت بالأمس احتفالية المعهد باليوم العالمي للغة العربية التي عقدها بمقر المنظمة في الدقي ، واستضاف أربعة من المتخصصين هم الدكتور نبيل علي و الدكتورمحمد محمد أبو موسى و الدكتور صفوت صالح والأستاذ مصطفى عمري.

وقد استهل الاحتفالي ةالدكتور فيصل الحفيان مدير المعهد بالإشارة إلى أن المنظمة العربية للتربيةوالثقافة والعلوم معنية عناية كبيرة بقضايا اللغة العربية، وأن معالي الأستاذالدكتور عبد الله حمد محارب يولي أهمية بالغة باللغة العربية ولذلك فقد شكل لجنة قوميةللغة العربية ستعقد أول اجتماع لها يوم 23 و24 من الشهر الحالي في تونس، وتضم فيعضويتها عدداً من رؤساء المجامع ، ومراكز المنظمة ومعاهدها التي تعمل في مجالاللغة.

وأضافأن هناك ثلاثة تحديات تواجه الحرف العربي وهي: التحدي الوجودي ، ونعني به الهجومالساحق من قبل ما يسمى بالكتابة الفرنكوآرابك التي يستخدمها أبناؤنا في جوالاتهموأجهزتهم الحاسبوية، والتحدي الوظيفي ، الذي يتمثل في علاقة هذا الحرف بالحاسوب وإيجاد التناغم اللازم بينهما ، وبخاصة في ظل الغياب الحضاري للعقل العربي عن مجال التكنولوجيا عموماً والاتصالات الحديثة خصوصاً، والتحدي الجمالي ، الذي يشير إلى مزاحمة الخطوط الحاسوبية للخط العربي ، هذا الكائن التاريخي الأسطوري بالغ الجمال وشديد الثراء بقدراته وطاقاته الفنية التي جعلت منه عالماً فنياً مستقلاً.

وكان أول المتحدثين الدكتورمحمد محمد أبو موسى الذي قد أكد في كلمته دور العربية وضرورة تذوق معانيها، و ذكر أن العقلية العربية مبدعة بطبعها وأن المؤلفين في فنون العربية كانوا يراعون قديماً التدرج العمري للمستفيدين وطلاب العلم في ومؤلفاتهم المختلفة وضرب على ذلك مثالاً بابن هشام الأنصاري فقد ألف في علم النحو أربعة كتب ، كل منها لمستوى بعينه.

أما الدكتور نبيل علي فقال: إن اللغة في حاضرنا المعاصر أصبحت باعتراف الجميع البوابة الملكية للنفاذ إلى مجتمع المعرفة ذلك أنها تتبوأ موقع القلب على خريطة المعرفة الإنسانية الشاملة، وأوضح أن اللغة هي الفرع المعرفي الوحيد الذي يرتبط بعلاقات تبادلية وثيقة مع جميع فروع المعرفة الأخرى.

وأشار إلى أن تعاظم الجوانب الحاسوبية للغة العربية في ظل ما نواكبه اليوم من نقلة نوعية حاسمة في مجال معالجة النصوص اللغوية ، وهي النقلة المتمثلة في الارتقاء من التعامل مع ظاهرالنصوص اللغوية إلى عمق التعامل مع مضمونها، وما يكمن فيها من معان ومفاهيم وعلاقات سياقية ومنطقية، وذلك من خلال استخدام أساليب الذكاء الاصطناعي وهندسة المعرفة ، وأوضح أن هذه النقلة تفتح آفاقاً عديدة لسبر أغوار اللغة بل أسرار المخ البشري ذاته.

ودعا إلى اعتماد مبدأ التفكير الخلاق في العلم ، ونجاحه في مجال اللسانيات الحاسوبية، وانتقد الأوضاع الحالية للدرس اللغوي إذ إنها تتسم بنوع من ” التسطيح والتبسيط وتقف عند حدود الاجترار والقشور والمسائل التاريخية، ولاتجاوز إلى الإضافة والبواطن والوقائع الحالية، وحذر من أن استمرار ذلك يعني أن نصبح رهناً لتفكير الآخر، نقتفي آثاره ، بل أكثر من ذلك كثيراً، فهو يسلبنا حقوقنا الإبداعية، ويلبسها لبوساً آخر، ويقدمها لنا على أنها من إنتاجه ، وهذا ما حدث مع المنجزات التي تحققت على يدي.

وشدد على أنه لا إبداع بدون لغة، ومن ثم فلا نهضة دون لغة، ولا شهود حضاري لنا كأمة في عالم اليوم بدون العربية.

وقال إن علينا أن ندركأن مجتمع المعرفة ليس هو المجتمع الذي فيه معرفة، بل هو المجتمع الذي يستخدم المعرفة ويصنعها.

وأوضح أن الإبداع خلافاً لما يظن البعض – ليس حكراً على الإنسان بل هو أيضاً إبداع الآلة، فالنظم الآلية قادرة على الإبداع ، دون أن يعني ذلك أنها تسلب حق الإنسان في الإبداع ، وذلك أن إبداعها وراءه الإنسان نفسه.

ودعا إلى كسر رهاب الفلسفة ، وقال إن الفلسفة اليوم هي فلسفة العلم، فالعلوم بعد أن تنضج تبدأ فلسفتها وبدون هذه الفلسفة لن يتحقق شيء ، إن الفلسفة هي التي تعتمد فهم العلم ،وركز على أنه لا خيار أمامنا للسيطرة على الانفجار المعرفي إلا باستخدام النظم الآلية وإبداعها.

واختتم بالقول إن المستقبل اليوم للسانيات المعرفية، وهي خطوة جديدة أبعد من اللسانيات الحاسوبية.

ومن جهة أخرى قال الدكتور صفوت صالح إن معظم برامج الحاسوب تدعم اللغات التي تكتب من الشمال إلى اليمين ولكن لا تدعم الخط العربي، وأشار أن المتتبع اللغوي يجد الثنائية اللغوية وهي استخدام مفردات إنكليزية إلى جانب المفردات العربية، ومزاحمة اللهجات العامية للغة الفصحى كتابةً ونطقاً.

وقال مصطفى عمري إن الخط العربي يمتلك قدرات وطاقات كبيرة على العطاء المتجدد من الناحية الإبداعية، مشيراًإلى أن هذه الخط متصل بالعربية، فاللغة ليست صوتاً فقط، وإنما هي حرف ، وهذا الحرف يتجلى جمالياً في الخط.