في مغزى انتخاب د. سعود الحربي مديرًا عامًا للمنظمة

انتُخب الدكتور سعود هلال الحربي مديرًا عامًا للألكسو في 28 سبتمبر 2017، ورصدنا الخبر، وجرى تناقله لكن المعهد قرأه وحلَّل عناصره ومجريَاته وما أحاط به وربطه بالظروف التي تمر بها الأمة العربية، وخلص إلى بعض الإشارات وبخاصة في ما يتصل بالعمل الثقافي العربي المشترك.

أسفرت الآلية الانتخابية عن انتخاب د. سعود هلال الحربي في المنصب الذي شغر بوفاة د. عبد الله محارب، المدير العام السابق، في مايو الماضي قبل استيفاء أمد دورته، غير أن هذا الانتخاب، الذي هو أقرب إلى التكليف منه إلى الفوز، ليس تزكية لشخص بقدر ماهو رجحان لرؤية وتوجه، لاسيما أن الأمر متعلق بالوعي العربي وبالمستقبل. فانتخاب د. سعود الحربي إنما هو في الأساس انحياز لتوجهات المدرسة الدبلوماسية التي ينتمي إليها. تلك المدرسة التي ديدنها الحرص على وحدة الصف العربي واعتماد نهج التوافق. وبذلك تكون الدول العربية قد عقدت العزم على النأي بالشأن الثقافي عن تصدعات السياسة وتداعياتها ؛ وعلى المحافظة على الطابع الفني لعمل المنظمة، احترازًا من شق الصف ؛ وحفاظًا على ديمومة العمل العربي المشترك.

أما الرؤية الثقافية التي وقع اختيار الدول الأعضاء عليها بانتخابها للدكتور سعود الحربي فلها محوران :

الأول: أولوية التعليم بوصفه السبيل الوحيد لإعداد مستقبل أفضل، ذلك بأن المدير المنتخب هو في الأصل خبير تربوي له إسهامات عديدة في وضع إستراتجيات التعليم وتطوير سياساته.

والثاني: هو مركزية اللغة العربية، من جهة أن الرجل يرى فيها العمود الفقري للثقافة العربية.

ولما كان التحدي الأكبر الذي يواجه الدول العربية اليوم هو انخفاض رأس مالها البشري من جراء ضعف منظومة التعليم واتساع الفجوة المعرفية، فإن انتخاب د. سعود الحربي هو بمثابة دعوة له لوضع أفكاره وأبحاثه بشأن إصلاح التعليم موضع التنفيذ.

وفي الشأن الثقافي حقق ذلك الانتخاب ما يشبه الإجماع حول ضرورة إيلاء اللغة العربية المزيد من الاهتمام، بيد أن اللغة ليست ألفاظًا وتراكيب وحسب، وإنما هي أيضًا ذلك التراث الزاخر من الآداب والمعارف الذي تحتويه المخطوطات. على ذلك فإن التراث المخطوط أيضًا يشغل مكانة مركزية في تلك الرؤية الثقافية التي وقع عليها الاختيار.

وفي ظل وضوح الرؤية وتوافر الإدارة تتهيأ المقدمات لنقلة نوعية في عمل المنظمة محورها تطوير التعليم ومنح اللغة العربية المكانة اللائقة بها واستصحاب القيم الايجابية في التراث. وذلك هو مغزى التفاف أكثر من 75% من الأصوات حول ذلك الرجل، بل تلك الرؤية.