تأثير أبي بكر ابن الأنباري في تكوين ابن خالويه علميًّا د. محمد علي عطا

النشر الإلكتروني باعتماد المعهد
(تراثنا)

turathuna@malecso.org

مقالات تراثية (7)

تأثير أبي بكر ابن الأنباري في تكوين ابن خالويه علميًّا

د. محمد علي عطا

 

يهدف هذا البحث إلى بيان مدى تأثير أبي بكر محمد بن القاسم الأنباري (ت328هـ) في ابن خالويه (ت370هـ) من جهات: العلوم التي استفادها منه، والكتب التي أخذها عليه، ومنهج التفكير العلمي وموضوعات التأليف التي تأثر به فيها، ومعرفة أمانته في النقل عنه، وغير ذلك من فوائد.

وأبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري (271-328هـ) بدأ الإملاء في مسجد بغداد عام (301هـ)، وكان يُملي يوم الجمعة، ويُقرأ عليه كتبه وكتب غيره يوم الثلاثاء من كل أسبوع، وقد توفي عام (328هـ)، مما يعني أنه أملى وأسمع – على حد أعلى – بعدد الأسابيع في المدة (301-328هـ)، وهو عدد قابل للنقصان إذا خصمنا فترة مرضه الأخيرة التي لا نعرف قدرها تحديدا، وتوقفه في مناسبات الأعياد أو الحج والعمرة وما شابه.

تراث ابن الأنباري المنشور

نتج عن هذا الدأب العلمي إنتاج علمي غزير، وصل إلينا منه:

  • “الأضداد”، حققه محمد أبو الفضل إبراهيم، الدار العصرية، صيدا، بيروت، 1987م.
  • “إيضاح الوقف والابتداء” في كتاب الله، حققه محيي الدين عبد الرحمن رمضان، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، 1971م.
  • “الزاهر في معاني كلمات الناس”، حققه حاتم صالح الضامن، ونُشر مرتين: في دار الرشيد، 1979م، ثم في مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1992م.
  • “مختصر في ذكر الألفات”، حققه حسن شاذلي فرهود، دار التراث، القاهرة،1980م.
  • “شرح خطبة عائشة أم المؤمنين في أبيها”، نشرها حاتم صالح الضامن في كتاب “ابن الأنباري سيرته ومؤلفاته”، دار البشائر، ط1، 2004م وعلى هذا الكتاب اعتمدت في هذا البحث.
  • “شرح ديوان عامر بن الطفيل”، حققته هدى جنهويتشي، دار البشير، الأردن، ومؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1997م.
  • “شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات”، حققه عبد السلام هارون، دار المعارف، ط5، 1963م.
  • “المذكر والمؤنث” حقق مرتين: حققه طارق الجنابي، بغداد، 1978م، ومحمد عبد الخالق عضيمة، وزارة الأوقاف، القاهرة، 1981م.
  • “مرسوم الخط”، حققه حاتم صالح الضامن، ملتقى أهل الأثر، 2008م.
  • “مسألة من التعجب”، نشره حاتم صالح الضامن في كتابه “ابن الأنباري سيرته ومؤلفاته”.
  • “مجلس من أمالي ابن الأنباري”، حققه إبراهيم صالح، دار البشائر، ط1، 1994م، وأعاد نشره حاتم صالح الضامن ضمن كتاب “ابن الأنباري سيرته ومؤلفاته”.
  • “غاية المقصود في المقصور والممدود”، حققه هلال ناجي، ونشر في مجلة المورد العراقية، المجلد26، العدد4، 1998م، (ص51-65).
  • “قصيدة في مشكل اللغة وشرحها”، حققها عز الدين البدوي النجار، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق.
  • “شرح قصيدة بانت سعاد”، طبع في بون، 1238هـ.
  • “رسالة في شرح معاني الكذب”، ذكرها عبد القادر البغدادي في خزانة الأدب، تحقيق محمد نبيل طريفي وإيميل يعقوب، (6/175، 184، 187)، دار الكتب العلمية، بيروت، 1998م.

تراث ابن الأنباري المفقود

“الهاءات في كتاب الله”، “الضمائر الواقعة في القرآن”، “المشكل في معاني القرآن”، “المصاحف”، “الرد على الملحدين في القرآن”، “الرد على من خالف مصحف عثمان”، “الأمالي”،  “أخبار ابن الأنباري” (ولعلها هي هي الأمالي)، “الحاء”، “شرح حديث أم زرع”، “شرح شعر الأعشى”، “شرح شعر زهير”، “شرح شعر النابغة الجعدي”، “شعر الراعي النميري”، “شرح غريب كلام هند بن أبي هالة التميمي في صفة رسول الله”، “الكافي في النحو”، “شرح الكافي”، “غريب الحديث”، “اللامات”، “المتناهي في اللغة”، “المجالسات”، “المشكل في الرد على أبي حاتم وابن قتيبة”، “نقض مسائل ابن شنبوذ”، “النوادر”، “الهجاء”، “الواسط في النحو” ومنه نصوص في “أمالي ابن الشجري”، “الموضح في النحو”، “الواضح في النحو”.

مكان صحبة ابن خالويه له وزمانه

يعد أبو بكر ابن الأنباري شيخًا لابن خالويه وقرينًا له في آنٍ؛ حيث تتلمذ كلاهما لابن دُرَيْدٍ (ت321هـ)، ومكان التقائهما والتتلمذ هو بغداد؛ حيث كان يملي ابن الأنباري في مسجد بغداد منذ عام 301ه، كل جمعة ويُقرأ عليه كل ثلاثاء حتى توفي (328هـ)، وابن خالويه دخل بغداد عام (314هـ)، أي أن مظنة فترة طلبه على ابن الأنباري كانت من (314-328هـ)؛ أي لمدة أربع عشرة سنة، وكان عمر ابن خالويه يوم وفاته ثمانية وأربعين عاما، على صحة فرضية بلوغه التسعين عاما.

إجمالي النقولات عنه

نقل ابن خَالَويه عنه في “شرح الفصيح” في عشرين موضعًا، وفي “شرح المقصورة” في عشرة مواضع، وفي “إعراب القراءات السبع وعللها” في ثمانية مواضع، وفي “مختصر شواذ القراءات” في ستة مواضع، وفي “الريح” في موضعين، وفي “الطارقية” في موضع، وفي “مسألة المحراب” في موضع، ومجموع ذلك سبعة وأربعون موضعًا تقريبًا.

طرق الاستفادة العلمية منه:

كان التواصل العلمي بينهما عن طريق: سؤاله مشافهة، وقراءة كتب اللغويين السابقين عليه، وأخذ كتبه ومؤلفاته نفسه عنه.

أولا: سؤالاته المباشرة:

كان له سؤالات مباشرة، فقد ذكر في “إعراب القراءات السبع وعللها” (2/375)، وتكرر موسعًا (ص2/204) أنه سأله عن قوله تعالى: ﴿قَالَ نِسْوَةٌ﴾ [يوسف:30]. فقال بأنه سأل ثعلبًا؛ يعني عن تذكير “قال” مع “نسوة”، فقال له: “لأن جمع القليل قبل الكثير والمذكر قبل المؤنث، فجعل الأول على الأول”.

وذكر أيضا في “إعراب القراءات السبع وعللها”، (2/456) أنه صلى خلفه وسأله عن سبب وقفه على ﴿إِلَّا﴾ في قوله تعالى: ﴿ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الانشقاق:24، 25]. فأجابه: لأنها استثناء منقطع مثل “لكن”.

ثانيا: قراءة كتب غيره عليه:

أسعفت النصوص بمعرفة كتابين فقط، هما:

1- “المذكر والمؤنث” للفرَّاء (ت207هـ)، فقد رواه عن ابن الأنباري، عن ثعلب، عن سلَمة، عن الفراء، كما ذكر ابن خالويه في “شرح الفصيح”، (ص470)، ونقلُه في “المذكر والمؤنث” للفراء، (ص78).

2- “المواقيت من نصف النهار لآخره”، ليونس بن حبيب (ت282هـ)، كما ذكر ابن خالويه في “شرح المقصورة” (ص446-447).

ثالثا: قراءة كتبه عليه:

هناك كتب لا يوجد ما يشكك في أنه أخذها عنه كاملة، وهناك كتب تدل النقول أنه لم يأخذها عنه كلها، ونقول تدل أنه أخذ بعض الكتاب وليس كله.

أ-الكتب التي أخذها عنه كاملة:

1-“الأضداد”: روى عنه في “شرح الفصيح” (ص8) بيتين من الشعر، وهما فيه (ص421).

2-“الزاهر في معاني كلمات الناس”:  نقل عنه في كثير من المواضع، هي: “شرح الفصيح”(ص237، 335) حيث روى عنه أبياتا من الشعر، وهي في “الزاهر”(1/237)، و(ص275) حيث روى عنه اللغات في كلمة بغداد وهي في “الزاهر” (2/385-387)،  و(ص411) حيث نقل عنه ما يقال في الألوان مثل أسود حالك، وهو في “الزاهر” (1/334) باختلاف طفيف، و(ص448) حيث نقل عنه مفرد الطَّرْفاءِ والحَلْفاء والقَصْباء، ذاكرًا سند ابن الأنباري، عن ثعلب، عن سلَمة، عن الفراء، وهو في “الزاهر”(2/94) من دون ذكر السند بل قال عن أهل اللغة، و(ص470) نقل عنه في دخول الهاء على عجوز وكهل، والنص به اختلاف عما في “الزاهر” (2/254).

ونقل عنه في “شرح المقصورة” (ص192)، قصة امرئ القيس، وهي في “الزاهر” (2/182-185).

ونقل عنه في “مسألة المحراب” تفسير “حسبُنا اللهُ ونعْمَ الوكيلُ”، وما أورده في التفسير فيه يتطابق مع ما في “الزاهر” (2/5).

3- “شرح القصائد السبع الطوال”: نقل عنه في “شرح الفصيح” (ص253). وهو فيه (ص150).

4- “فصيح ثعلب“: لم يذكر ابن خَالَويه لا في مقدمة “شرحه للفصيح” ولا في “انتصاره لثعلب” سنده إلى رواية “الفصيح”، وقد استفاد من روايته أبو سهل الهَرَوي النحوي نزيل مصر(ت433هـ)، في “إسفار الفصيح”([1])، حيث ذكر روايته مرتين الأولى (ص500)، فقال: “وفي رواية أبي عبد الله الحسين بن خالويه:”إذا دنت للمغيب”. والثانية في(ص505) قال:”ورأيت أيضا في نسخة مروية عن ابن خالويه: والقَرَب: الليلة التي ترد الإبل في صبيحتها الماء”. فمما سبق نعرف أن ابن خالويه له رواية للفصيح انفردت بأشياء، وأن هذه الرواية انتقلت إلى مصر، وأخذها أبو سهل وِجَادةً لا روايةً.

ووصل إلى قرطبة بالأندلس نسخة للفصيح بخط ابن خالويه؛ فقال الوزير أبو بكر محمد بن هشام المُصْحَفِي(ت481هـ) ([2]): “كان كتاب أبي الفتوح الجرجاني [يعني الفصيح] بخط ابن خالويه، وفي صدره: قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن حمدان بن خالويه النحوي اللغوي: قرأت هذا الكتاب وهو الفصيح لثعلب على أربعة من أصحابه: محمد بن إبراهيم بن عرفة نفطويه أبي عبد الله، وأبي عمر الزاهد، وأبي بكر ابن الأنباري، وأبي القاسم بن حبان، كلهم قالوا: أخبرنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب، قال: هذا اختيار فصيح الكلام”.  فقد أخذ الفصيح عن ابن الأنباري وآخرين.

ومن هذا النص نعرف أن نسخة ابن خالويه دخلت الأندلس وتحديدا قرطبة عن طريق أبي الفتوح ثابت بن محمد الجرجاني، الذي طلب العلم في بغداد، ثم رحل للأندلس عام (406هـ)، وقتل بالمغرب عام(431هـ) ([3])، ومن الواضح أن روايته هذه لم تشتهر كرواية قرينيه أبي علي القالي (ت356هـ) وأبي سعيد السِّيْرافي (ت368هـ)، التي كثر حاملوها ورواتها([4])؛ ولعل سبب ذلك هو دخولها متأخرًا جدًّا عنهما.

ب-كتب تدل النقولات والسؤالات أنه لم يأخذها عنه كلها: ومن ذلك:

1- كتاب “الوقف والابتداء”: حيث تؤكد النقولات والسؤالات أنه أخذ عنه بعضه ولم يأخذه كله؛ فقد ذكر ابن خالويه في كتاب “الريح” (ص71) بيت شعر في تسمية الريح المتذئبة، من إنشاد ابن الأنباري له، وهو في “الوقف والابتداء” (ص164)، فهو في أوائل الكتاب.

بينما ذكر في “إعراب القراءات السبع وعللها”، (2/456) أنه صلى خلف ابن الأنباري وسأله عن سبب وقفه على ﴿إِلَّا﴾ في قوله تعالى: ﴿ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾[الانشقاق:24، 25]. فأجابه: لأنها استثناء منقطع مثل “لكن”، وهذا التعليل موجود في “الوقف والابتداء” (ص972)، تحقيق عضيمة، ويظهر من هذا السؤال أنه لم يأخذ عليه هذا الموضع من الكتاب.

كما أن ابن خالويه قال في “مختصر شواذ القراءات” (ص169): ﴿أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا﴾[عبس:25]. بفتح الألف والإمالة، سمعت ابن الأنباري يحكيها. وهذا موجود في “الوقف والابتداء” (ص967). ولفظ سمعت –وهو غالبًا يستخدم مع الأمالي- يدل على أنه لم يأخذ عنه هذا الموضع من الكتاب. فالظاهر أنه أخذ عنه بعضا من أوائل الكتاب ولم يأخذه عنه كله.

ولا يمكن أن يعترض على ما ذهبت إليه بأنه ربما يكون ألف ابن خالويه كتابيه هذين قبل أن يكمل أخذ هذا الكتاب عن ابن الأنباري؛ لأنه ألف كتابه مختصر الشواذ بهامش البديع في وقت استقرار ولاية سيف الدولة الحمداني على إمارة حلب وانتقاله إليها عام (334هـ)؛ أي بعد موت ابن الأنباري (ت328هـ) بست سنوات، كما أن كتابه “إعراب القراءات السبع وعللها” قد يكون من آخر مؤلفاته كما قال الدكتور عبد الرحمن بن عثيمين، في مقدمة تحقيقه، (ص102).

2- كتاب “المذكر والمؤنث”: لم يأخذه عنه مطلقًا-حسبما يتوافر لدي من نصوص-؛ فقد ذكر ابن خالويه في “إعراب القراءات السبع وعللها”، (2/375)، وتكرر موسعا (ص2/204) أنه سأله عن سبب تذكير الفعل في قوله تعالى: ﴿قَالَ نِسْوَةٌ﴾ [يوسف:30]. فرد عليه بأنه سأل ثعلبًا فقال له: “لأن جمع القليل قبل الكثير والمذكر قبل المؤنث، فجعل الأول على الأول”. وهذا الكلام بنصه في “المذكر والمؤنث”، (1/210)، فلو أخذ عنه هذا الكتاب ما احتاج إلى سؤاله.

ونقل عنه أيضًا في “إعراب القراءات السبع وعللها”، (1/187)؛ قال: إنما ذكَّرت الرحمة لأنك إنما عنيت بها الغفران وإلى هذا ذهب محمد بن القاسم الأنباري رحمه الله”. ولابن الأنباري كلام على هذه الآية في “المذكر والمؤنث” (2/27) بنص: “ويجوز أن يكون ذكره على معنى إن فضل الله قريب”. فإما أن هذا تأويل آخر لابن الأنباري خارج هذا الكتاب وإما أن ابن خالويه أخذ هذا الكتاب حتى هذا الموضع ووهم، والأول أقرب.

وقال في “شرح الفصيح” (ص239): وحدثنا ابن الأنباري أن مؤذِّنًا طلع المئذنة فسمع جارية تغني: “تَعَلَّقتُ هِندًا وهِيَ ذَاتُ ذُؤَابةٍ…” إلى آخر البيتين. وهذان البيتان في “المذكر والمؤنث” (1/107) باختلاف في بعض الكلمات ومن دون ذكر قصتهما، ومعزوان للمجنون مباشرة. ولعل هذا النص أخذه عنه من “أماليه” وليس من “المذكر والمؤنت”.

وأورد أبياتا في “شرح الفصيح”(ص468) من دون عزو وهي في “المذكر والمؤنث” (1/58)، باختلاف رواية في كلمة واحدة.

فهذا الاختلاف والسؤال عما هو في الكتاب يدل على أنه لم يأخذه عنه مطلقًا، واكتفى بقراءة كتاب “المذكر والمؤنث” للفرَّاء عليه.

ج- ما رواه من كتب ابن الأنباري المفقودة: وهذا البحث غالبه ظن وتخمين، وليس فيه يقين، وإنما خضت فيه تقريبا للصورة.

1-نقل عن كتاب ابن الأنباري “المشكل في الرد على أبي حاتم وابن قتيبة”: نقل في “شرح الفصيح” (ص392) تعليقا على قول ابن قتيبة على معنى “آمين”: يا آمين؛ أي يا الله: قال أبو بكر ابن الأنباري: أخطأ ابن قتيبة لأنه لو كان منادى لقيل “آمينُ” بالرفع؛ لأن النداء غير المنون يكون مرفوعا. وقد ذكر هذه اللفظة في “الزاهر” (1/63) من دون ذكر ابن قتيبة ولا تخطئته، فيمكننا الجزم بأن هذا النقل من رده على ابن قتيبة.

2-نقل عن “الضمائر الواقعة في القرآن”: في “شرح الفصيح” (ص464) نقل بيت كُثَيِّر عزَّة:

أَسِيئِي بنَا أَو أحسِني لا ملومةً … لدينا ولا مقليَّةً إنْ تقلَّتِ

 ثم قال ابن خالويه: سمعت ابن الأنباري يقول : أراد تقلَّيت فرجع من الخطاب إلى الغيبة، كما قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ﴾[يونس:22]. وهذا البيت وقول ابن الأنباري “أراد تقليت” فقط في الأضداد (ص464)، وليس في “الوقف والابتداء” وحقه لو كان فيه أن يكون في (ص707)، وتحدث ابن الأنباري عن هذه الآية من حيث التذكير والتأنيث في “المذكر والمؤنث” (1/280-281) من دون الحديث عن الالتفات الذي ذكره ابن خالويه. فلعله نقله عن كتابه المفقود “الضمائر الواقعة في القرآن”.

2- نقول عن “الأمالي”: ضاعت هذه الأمالي ولم يصلنا منها إلا مجلس واحد كامل كما سبق، وعدة نقول عنها([5])؛ وغالب الظن أنه سمع منه هذه الأمالي؛ حيث نقل في “شرح الفصيح” (ص30) أبياتا سبقها بقوله: وقال ابن الأنباري يهجو أكولا:

فَتًى لِرَغيفِه قَرْطٌ وشَنْفٌ … وإكليلانِ مِن سُبَحٍ وشَذْرِ

إذا كُسِرَ الرغيفُ بَكَى عَليهِ … بُكَا الخَنْسَاء إِذْ فُجِعَتْ بِصَخْرِ

ودونَ رغيفِهِ قَلْعُ الثَّنَايَا … وحَرْبٌ مثلُ وَقْعَةِ يومِ بَدْرِ

وغالب الظن أن مثل هذه الأبيات الطريفة لا تكون إلا في الأمالي، والإشكال أنه نسب هذه الأبيات

لابن الأنباري، وهي ليست له، بل تنسب للوأواء الدمشقي ولأبي نواس.

  • وقال في “شرح الفصيح” (ص42): سمعت ابن الأنباري يقول: “في الريح الشمال ست لغات: الشَّمال، والشَّمْأل، والشَّأْمل، والشَّمَل، والشَّمْل، والشَّمول، على لفظ الشمول للخمر، وإتما سميت الخمر شمولا؛ لأنها تشملهم بريحها”.

وغالب الظن أن هذا النقل من “الأمالي” لسببين: الأول أن ابن خالويه نقله بلفظ سمعت، والثاني أن المجلس الذي وصلنا من مجالس ابن الأنباري فيه حديث عن اللغات في الرُّبع والعُشر والتُّسع والثُّمن والسُّبع والسُّدس إلخ([6]). مع ملاحظة أن هذا النقل لم يذكره ابن خالويه في كتاب “الريح” وحقه لو كان فيه أن يكون في (ص64).

-وقال ابن خالويه في “مختصر الشواذ”(ص62)، في نصب ﴿وَنَحْنُ عُصْبَةَ﴾[يوسف:8]: “سمعت ابن الأنباري يقول: “هذا كما تقول العرب: إنَّما العامريُّ عمَّتَه؛ أي يتعهد عمَّتَه، والتقدير ونحن بجميعٍ عصبة”.

وغالب الظن أن هذا النقل في “الأمالي”؛ لأنه عبَّر بسمعت، ولأني لم أجده في مظنته في “الزاهر” ولا في “الوقف والابتداء”، وحقه لو كان فيه أن يكون في (ص720).

  • قال ابن خالويه في كتاب “مختصر شواذ القراءات” (ص70): سمعت محمد بن القاسم يقول -وحكاه أبو زيد- أن فيه ست لغات: ربَّما، ورُبمَا، ورَبَّما، ورَبَما، ورُبَّتما، ورُبَتَما”. وليس هذا في “الزاهر” ولا “الوقف” وحقه لو كان فيه أن يكون (ص744)، والغالب في لفظة سمعت أن تكون في “الأمالي”، كما أنه تعرض في المجلس الذي وصلنا من “أماليه” للحديث عن اللغات في الربع والسدس…، كما أشرتُ سابقًا.
  • قال ابن خالويه في “مختصر شواذ القراءات” (ص97): سمعت محمد بن القاسم الأنباري يقول: “هيهاتٌ هيهاتٌ، هيهاتُ هيهاتُ، هيهاتِ هيهاتِ…  كل ذلك من كلام العرب”. ونقل أيضا في “شرح المقصورة” (ص456) أن ابن القاسم الأنباري ذكر فيها ست لغات.

وهذا يشبه مادة “مجلس الأمالي” الذي وصلنا كما مرَّ. وقد ذكر ابن الأنباري اللغات في هيهات في “الوقف والابتداء” (ص299) ولكنها سبع وليست ستًّا، كما أن ابن خالويه عبر بقوله سمعت.

  • في “شرح المقصورة” (ص358) قال: “ومحمد بن يسير بالسين لا بالشين، شاعر معروف معظم شعره في الزهد والحكم، وهو القائل ما أنشدناه محمد بن القاسم:

لأنْ أُزَجِّىَ عندَ العُرْي بالخَلَقِ…وَأَجْتَزي مِنْ لَذِيْذِ العَيْشِ بالعُلُقِ

خَيْرٌ وأجملُ بي مِنْ أنْ تُرَى نِعَمٌ…خَوالدٌ للئامِ النَّاسِ في عُنُقِي

إنِّي وإنْ قصَّرتْ عَنْ هِمَّتي جِدَتي …وكانَ ماليَ لا يقْوَى علَى خُلُقِي

لتاركٌ كلَّ أمرٍ كانَ يُكْسِبُني …عارًا ويُشْرِعُني في مَنْهَلٍ رَنقِ

حتَّى أموتَ وفي خدَّيَّ ماؤهما…كالغُصْنِ ماتَ ولمَّا يَعْرَ مِن وَرَقِ”

وغالب الظن أن هذا يلائم مادة “الأمالي”.

  • ونقل في “شرح المقصورة” (ص527) عن ابن الأنباري قصة رجل نصف لحيته أبيض ونصفها أسود بسبب أن جاريته أخبرته من جهة لحيته التي ابيضت أن الدقيق فني، ولم أجد ذلك في “الزاهر” ولا في “الوقف والابتداء” وحقه لو كان فيه أن يكون (ص848).
  • وفي “شرح المقصورة” (ص526) أنه قرأ على ابن الأنباري قصة في بلوغ عبد الملك بن مروان للشيب، واشتهائه سماع شعر في الشيب يسليه، وهذا أقرب لقصص الأمالي.
  • قال ابن خالويه في “مختصر في شواذ القراءات” (ص171) في قوله تعالى: ﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ﴾[البروج:21]. سمعت ابن الأنباري يقول: “معناه بل هو قرآن رب مجيد، كما قال الشاعر: ولكنَّ الغِنَى ربٌّ غفورٌ. معناه ولكن الغنى غنى رب غفور. وليس هذا النقل في “الزاهر” ولا “الوقف والابتداء” وحقه لو كان فيه أن يكون (ص973)، وعبر فيه بسمعت، فلعله من “الأمالي”.

نقول لا يمكن تقريب كتابها: هناك نقول كثيرة ليست في كتب ابن الأنباري التي وصلت إلينا، ولا يمكنني معرفة الكتاب الذي نقلت منه، وهي:

  1. نقل في “شرح المقصورة” (ص512) عن محمد بن القاسم: “نُصف الشيء ونَصفه ونِصفه”. ولم أجده في ما بين يدي من كتبه.
  2. وقال في “الريح” (ص78): سمعت ابن الأنباري يقول: “واحد الأعراف عُرف وواحد الأنفال نفَل وواحد الأنكال نِكْل”. ولم أجده في ما بين يدي من كتبه.
  3. وفي “إعراب القراءات السبع”، (1/99-100): “أنشدنا محمد بن القاسم:

ويبيتُ منزل عَرْضةٍ برَبَاوةٍ …بينَ النَّخيلِ إلى بِقاعِ الغَرْقدِ”.

ولم أجده في ما بين يدي من كتبه.

  1. هناك نقل في “شرح المقصورة”، عن ابن الأنباري وأبي عمر الزاهد(ص180) عن الفراء، “الرضا والرضى”. وليس هذا النقل في “غاية المقصود في المقصور والممدود”، وهو مظنته.
  2. ونقل آخر في “شرح المقصورة” (ص490) عن القاسم وغيره: قراء الضيف وقرى الضيف. وليس هذا النقل في “غاية المقصود”، وهو مظنته.
  3. قال في “الطارقية” (ص41-42): “عن ابن القاسم عن ثعلب عن سلمة عن الفراء قال: العرب تقول: نعوذ بالله من طئة الذليل. أي أعوذ بالله من أن يطأني ذليل. وليس في “الزاهر” ولا “المذكر والمؤنث”.
  4. -نقل في “شرح الفصيح” (ص477) عن ابن الأنباري وابن عرفة وابن حبان، في تنبَّل البعيرُ وذكر بيتي شعر ولم أجدهم في ما بين يدي من مؤلفات ابن الأنباري.
  5. -نقل في إعراب القراءات (1/ 212-213) في تفسير قوله تعالى: ﴿وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ﴾ [الأعراف:165]، قال: فأما تفسير هذه الآية فإن أبا بكر محمد بن القاسم الأنباري رحمه الله قال: حدثني عبد الله بن محمد، وساق السند إلى عبد الله بن عباس في بكائه بسبب عدم ذكر الله لمصير الفرقة الثالثة في قصة أصحاب السبت. ولم أجدها في كتب ابن الأنباري التي وصلتنا.
  6. نقل عنه في “شرح الفصيح” (ص415) قال: وحدثني أبو بكر ابن الأنباري رحمه الله قال العرب تقول مُخْرَنْبِقٌ لِيَنْبَاعَ، أي قد تهيَّأ ليثب. ولم أجده
  7. نقل في “شرح الفصيح” (ص424-425) نقلا طويلا طمس كثير من كلماته عن ابن الأنباري في جواز القول الحمد لله أولا وآخرا والحمد لله أول وآخر، ولم أجده.
  8. في “شرح الفصيح” (ص429) نقل بيت شعر عن ابن الأنباري وهو:

بسَاقَيْنِ ساقَيْ ذِي قِضَينٍ تحشُّه…بأَعوَادِ رَنْدٍ أَوْ أَلاَوِيَةٍ شَقْرَا

وذكره في “شرح المقصورة” (ص180) من دون عزو، ولم أجده.

  1. وفي “شرح المقصورة” (ص408) قال: أنشدنا محمد بن القاسم:

رأيتُ غزالًا يَرْتعي وَسْطَ رَوْضةٍ…فقلتُ أرَى لَيْلى تلس بِه زهْرا

فيَا ظَبْيَ كُلْ رغدًا هنيئًا ولا تخَفْ…فإنِّي لكمْ جارٍ وإنْ خِفتمُ الدهْرا

 وهو – حسب غرض استشهاده به- أقرب  لمادة”الوقف والابتداء” ولو كان فيه لكان حقه أن يكون في (ص720).

أمانته في النقل عن ابن الأنباري: نقل عنه في “مسألة المحراب” تفسير “حسبُنا اللهُ ونعْمَ الوكيلُ”، نقلا كبيرًا، وما أورده يتطابق مع ما في “الزاهر”(2/5)، ولم يصرح إلا في آخر المسألة عندما صرَّح بأن ابن القاسم أنشده بيتين؛ فقد صرَّح ببعض ما نقل عنه ولم يصرح به كله.

كما نقل عنه اللغات في كلمة “أفٍّ” في كتاب “إعراب القراءات السبع”(2/368) من دون ذكره، وهي في “الزاهر”(1/281). وقد نقل النقل نفسه في مختصر شواذ القراءات (ص76) ولكنه عزاه إليه.

وفي “شرح الفصيح” (ص429) نقل  بيت شعر عن ابن الأنباري وهو:

بسَاقَيْنِ ساقَيْ ذِي قِضَينٍ تحشُّه…بأَعوَادِ رَنْدٍ أَوْ أَلاَوِيَةٍ شَقْرَا

وذكره في “شرح المقصورة” (ص180) من دون عزو.

وهناك أمور ليست جازمة في الاستشهاد على أمانته في النقل؛ لاختلاف طفيف في الألفاظ، ولكنها يستأنس بها، وهي أنه نقل عنه في كتاب “شرح الفصيح” (ص179) الفرق بين وعدته وأوعدته، من دون عزو لابن الأنباري، والكلام في “الزاهر”، (1/178-179) باختلاف طفيف في النص ورواية الشعر. وذكر في الفصيح (ص238) رجزًا ولم ينسبه أو يعزه وهو في “الزاهر”(2/158)، ناقصًا بيتًا.

تأثيره في منهجية ابن خالويه العلمية وفي موضوعاته: السمة الظاهرة جدًّا في شخصية ابن خالويه العلمية هي الحصر والاستقصاء، وهي ظاهرة بيِّنة في غالب مؤلفاته، فكثيرًا ما يحصر المعنى ويعدده مثل  كتابه “الآل”، الذي حصر فيه معنى الآل في خمسة وعشرين معنى، فصَّل القول فيها، وهذا قد تأثر فيه –حسبما يتراءى لي-  بابن الأنباري؛ لأنه كان يستخدم هذه المنهجية في الاستقصاء، ولكن ابن خالويه توسع فيها، ومن شواهد ذلك عند ابن الأنباري، رسالته في معنى الكذب، التي حصر فيها معنى الكذب في خمسة معانٍ فصلَّها، وقد احتفظ لنا البغدادي (ت1030هـ) بهذه الرسالة في خزانة الأدب (6/175، 184، 187) كما مرَّ، ومن أمثلة ذلك أيضا كثير من المواضع في الأضداد (ص14)، و”الوقف والابتداء”(ص202).

كما أن ابن خالويه تأثر به –ولا يمنع أنه تأثر بشيوخه الآخرين أيضًا- في استلال بعض المباحث التي جاء بها في كتبه وإفرادها في كتاب مستقل، فقد فعل ذلك ابن الأنباري مثلا في “الوقف والابتداء” (ص202-221)؛ حيث خصص مبحثًا للألفات في الأسماء والأفعال والحروف، ثم أفرد ذلك في كتاب مستقل  سماه “كتاب مختصر في ذكر الألفات”.

كما تأثر به –ولا يمنع أنه تأثر بشيوخه الآخرين أيضًا-في موضوعات التأليف؛ فقد ألف مثله كتابًا في الألفات، وكتابًا في الياءات والواوات، وقد عالجها ابن الأنباري في مبحث في كتاب “الوقف والابتداء”(ص203-280)، وشرَح مثله بانت سعاد، والسبع الطوال المعلقات، وألف مثله في غريب الحديث، والمذكر والمؤنث، والمقصور والممدود.

الخاتمة: ابن الأنباري يُعَدُّ قرينًا لابن خَالَويه وشيخًا في آنٍ، ومن مجموع كتب ابن الأنباري التي وصلتنا تبين لي بيقين أن ابن خالويه أخذ عنه ثلاثة كتب، هي: “الزاهر”، و”شرح القصائد السبع الطوال”، و”الأضداد”. ويغلب على الظن أنه أخذ عليه أماليه، ورده على أبي حاتم وابن قتيبة، ولم يكمل عليه كتاب “الوقف والابتداء”، ولم يأخذ عليه “المذكر والمؤنث”، وهناك نصوص كثيرة لا يمكن معرفة مكانها في كتب ابن الأنباري المفقودة، كما أنه كان يسأله في بعض المسائل، واتضح لي أنه أخذ عنه من كتب غيره “المذكر والمؤنث” للفراء (ت207هـ)، و”المواقيت من نصف النهار لآخره”، ليونس بن حبيب (ت282هـ)، كما أنه تأثر به في منهجية الحصر والاستقصاء للمادة التي يدرسها ولمعاني الكلمات وتوسع في ذلك، كما عالج بعض الموضوعات التي عالجها ابن الأنباري، وكان أمينًا إلى حد كبير في النقل عنه.

([1]) دراسة وتحقيق: أحمد بن سعيد بن محمد قشَّاش، عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، ط1، 1420هـ.

([2]) فهرست ابن خير الإشبيلي، تحقيق محمد فؤاد منصور، (ص301)، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1998م.

([3]) انظر الصلة لابن بشكوال، (3/932)، تحقيق إبراهيم الأبياري، دار الكتاب المصري ، القاهرة، ودار الكتاب اللبناني، بيروت, ط1، 1989م.

([4]) انظر مقدمة تحقيق جهد النصيح وحظ المنيح من مساجلة المعري في خطبة الفصيح، لأبي الربيع سليمان بن موسى الكلاعي(ت634هـ)، تحقيق ثريا لهي، (ص53-59)، المملكة المغربية، جامعة محمد الخامس،  منشورات كلية الآداب بالرباط، ط1، 2001م.

([5])  ممن نقل عنها:

1- الآمدي (ت370هـ) في الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري نقلا واحدا(1/72) حيث قال:” وقالت مريم بنت طارق ترثي أخاها، في أبيات أنشدها ابن الأنباري في أماليه:  كنَّا كأنجُم ليلٍ بينها قمرٌ … يجلو الدُّجى فهَوَى مِن بينِها القمرُ”.

2-القاضي أمين الدولة محمد الأفطسي(ت518هـ) في المجموع اللفيف، تحقيق يحيى الجبوري ص147-149، دار الغرب الإسلامي، ط1، 2005م،  نقل عنه عدة أمور في موضع واحد، وهي: تفسير بيت شعر: يتبعهن جرويا إذا هِبن قَدَم…كأنه بالليل مستعشَى ضرم، وشعر قاله الخليل الفراهيدي لسليمان بن حبيب لما طلب صحبته أوله: أبلغْ سليمانَ أنِّى عنه في سَعةٍ… وفي غنًى غير أني لستُ ذا مالِ، ونقل عن أم مَعدان الأنصارية أبياتًا أولها:”مَيْتٌ بمصرَ ومَيْتٌ بالعراقِ وميــــــــــتٌ بالحجازِ مَنايا بينهم بدَدُ. ونقل عنه تفسير قوله: ﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ [يوسف:31] خمسة أقوال.

3-ابن أبي الحديد (ت656هـ) في شرح نهج البلاغة؛ ففي(1/320) نقل عنه الحديث الذي دار بين الحجاج بن يوسف الثقفي وأعشى باهلة عندما أخذه الحجاج أسيرا لما خرج في ثورة ابن الأشعث، وفي (2/261) نقل  مشهدا من مشاهد التحكيم في قضية علي بن أبي طالب، وفي (12/82) نقل أيضا حوارا خاصا بالتحكيم وعزل علي بن أبي طالب.

3-السيوطي (ت911هـ) في كتابه “سبب وضع علم العربية” المنشور في مجموع التحفة البهية والطرفة الشهية، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط1، 1981م، (ص50) ثلاثة نقولات: نقل عنه قصة قدوم أعرابي في زمن عمر بن الخطاب وطلب أن يقرئه القرآن أحدٌ، فأقرأه أحدهم بدايات سورة التوبة خطأ فصحح له الخليفة وأمر بوضع علم النحو. وقصة تفكير أبي الأسود في وضع النحو لما سمع لحنًا في قراءة ﴿ورسوله﴾ في سورة التوبة. وقد ذكر ابن الأنباري هذه القصص أيضا في الوقف والابتدا(ص36-43).

4- السيوطي (ت911هـ) في شرح شواهد المغني (1/42) نقل نقلا عن قصة عمارة بن عقيل لما أوفده الحجاج إلى عبد الملك بن مروان، وإنشاده قصيدته:”أتصحو أم فؤادُك غيرُ صاحٍ”. ونقل عنها  (2/588) قصة دخول ليلى الأخيلية على الحجاج والحوار بينهما.

([6]) انظر مجلس من أمالي ابن الأنباري، (ص21).