القدس عندما يكون التراث أسيرًا

القدس

عندما يكون التراث أسيرًا

أَسْرُ تراث الإنسان لا يقلُّ خطرًا عن أسره هو نفسه ! إذ الإنسان وتراثه شيء واحد، والفصل بينهما متعذِّر.

والتراث العربي والإسلامي ( أو جزء منه) اليوم أسيرٌ هناك في فلسطين، وفي عاصمتها القدس.

نعم، أسير بكل معاني الأسر التي يحتملها اللفظ :

الأَسْرُ  استيلاء على ما ليس لك، وهو ما يعني الاعتداء على حق غيرك، الذي لا يقره الدين، كما لا يقرُّه العقل البدهي، في أي زمان، وأي مكان. وهذا ما هو حاصل في تلك البقعة المباركة من الأرض، فقد استولى الصهاينة على التراث، كما استولوا على الأرض، وأرادوا في رغبة شرِّيرة محمومة أن ينتزعوا كل شيء:  الأرض والتراث وصاحبهما جميعًا.

والأَسْرُ امتلاك مترتب على الاستيلاء غير المشروع، مما يعني أمرين:

  • منع صاحب الحق من الوصول إلى ما لَه للإفادة منه واستثماره.
  • والقدرة على التصرف في المستولى عليه.

فإذا ما كان هذا الحق المسلوب ” تراثًا ” فإن أول مظاهر التصرف هو العبث به، الذي يأخذ صورًا كثيرة : الاقتطاع والاجتزاء والتحريف والتزييف، ومن ثمَّ التوظيف؛ لتحقيق أغراض تضرُّ بصاحب هذا التراث، وتهزُّ ثوابته، وتخلخل يقينه بذاته وعطائه التاريخي من جهة، وقدرته على العطاء والاستمرار في الحاضر من جهة.

وإذا كانت هذه بعض معاني الأسر السلبية، فإن له معاني أخرى إيجابية، فالأسر كما يكون استيلاء وامتلاكًا وما يترتب عليهما، يكون تقوية ! فأسرة الإنسان هي مصدر قوته. ويكون – أيضًا – حكمة، فالله تعالى شَدَّ أسْرنَا، أي أحسن خلقنا وأحكمه.

تراثنا الأسير يحتاجنا في أمرين :

  • أن نستعيده بالمعنيَيْن : القريب والبعيد.
  • وأن نحول دون المعتدي وما يريد أن يفعله به.

ونحن في الوقت نفسه محتاجون إليه؛ ليكون :

  • وقودًا يدفعنا في الزمن الصعب الذي نعيش.
  • وحكمةً نتبصَّر بها واقعنا وتجعلنا أكثر قدرة على التعامل معه.
  • ومعرفةً نتزوَّد منها، ليتجدَّد عطاؤنا، ولتعطينا ملامحنا الخاصة في تفاعلنا مع حاضرنا وبناء مستقبلنا.