عدد حافل لمجلة (المخطوطات الثقافية)

 

حفل العدد الأول من مجلة المخطوطات الثقافية لثلاثة وعشرين مقالا لجمهرة من الباحثين من مختلف البلدان العربية.

وهي مجلة تراثية تتوجَّه إلى المثقف العام، وتتضمن مجموعة من الأبواب الثابتة (اللافتة) التي تتفق وروح المجلة وتوجُّهها التراثي، منها: حِلْيات، قِطاف، أنساق، فرائد، انبعاث الأمر العتيق، تلقيح الألباب، مصابيح، عوادي، في حضرة الغياب، رفع الارتياب، سَفَر.

هذا وقد تضمن العدد حوارًا مع أيمن فؤاد سيد عن أبيه، وفي باب أعلام ثلاثة مقالات حول أحمد تيمور باشا، وعبد العزيز الميمني، وناصر الدين الأسد، وفي الموضوعات الأخرى: مصاحف باريس، والمشجرات في المخطوطات العربية، والتصحيف وطرائفه، ومخطوطة في الفلك بعشرين ريالا، وحلب: دمار الحواضن العتيقة.

وفي سبيل بيان رؤية المجلة وفلسفتها أثار المدير المسؤول ورئيس التحرير د. فيصل الحفيان سؤالا مباشرًا هو:

لماذا هذه المجلة (التراثية) الجديدة؟

وأجاب: هو سؤال مشروع حقًّا، فكم مجلة (تراثية) لدينا اليوم !

وبسط القول في هذه المشروعية فقال: حتى لا نقع في فخ التعميم وإصدار الأحكام المطلقة والمبهمة بالكثير الذي تفيده «كم الخبرية» نقول: إن عشرات، بل مئات من المجلات المتخصصة في التراث = تصدر عن جامعات وكليات ومراكز ومؤسسات، وعن أفراد، داخل الوطن العربي وخارجه، حتى إن أحدًا لا يمكن أن يدَّعي أنه يعرفها، بله يزعم أنه يتابعها، لكنها جميعًا:

– معنيَّة بالبحث في التراث، لا بالتعريف به.

– تخاطب المتخصصين والمشغولين بالتراث فحسب.

– لا علاقة لها إطلاقًا بالجذب، أو اللفت، أو استثارة الفضول المعرفي تجاه التراث.

وأشار إلى أن هذه المجلة تصدر عن رؤية مُفادها أن تراثنا الذي تحمله ملايين المخطوطات الموزعة في العالم هو أشد ما يكون حاجة اليوم إلى أن نعرِّف به ونُقَرِّبه، ذلك أننا نعيش في زمن التحدي الأعظم فيه هو تحدي وجود التراث ذاته، نعني الإيمان به، والاقتناع بقيمته وقيمه. ولا شك أن هذا التحدي إذا ما كان فإن فقه الأولويات يدفع به دفعًا إلى الأمام، ويقدمه على أي شيء آخر، ومن ذلك انصراف فئة من أهل البحث إلى الدخول في قضاياه وتفصيلاته التي يدورون في فلكها، أو تدور في فلكهم.

وتابع قائلًا: إن تخاطب الفئات التالية:

– الذين لا يعرفون عن التراث شيئًا، بل لا يعرفونه.

– والذين ينكرونه أو يتنكرون له، ولسنا بصدد كشف العوامل التي وراء حالة النكران أو التنكر هذه.

والذين هم في حالة ذهول عنه صرفتهم شواغل العصر ومغرياته، وما أكثرها من شواغل ومغريات! فسكن في داخلهم أنه شيء صعب، جاف، لا جَمَالَ فيه ولا متعة في مقاربته، فهو ابن الماضي الذي لا يصلح للحاضر.

على أن مخاطبة هذه الفئات جميعًا، لا يعني أن المتخصصين لن يقعوا في المجلة على ما يعنيهم أو بعض ما يعنيهم، فقضايا التراث ومسائله وقيمه هي الموضوع؛ موضوعهم، غير أن المجلة – بحسب المستهدفين لها – تركز على اختيار ما يجذب ويلفت من التراث وتتناوله تناولًا قريبًا، وتستخدم لغة سهلة، وذلك كلُّه لا يعني إسفافًا في اختيار الأفكار، ولا ترخُّصًا أو تجاوزًا في عملية التناول، ولا تنازلًا في المستوى اللغوي أو تهاونًا فيه.