انتخب مؤخرًا الأستاذ الدكتور عبد الله حمد محارب مديرًا عامًا للمنظمة، خلفًا للدكتور محمد العزيز ابن عاشور الذي انتهت مدة ولايتة.
والدكتور محارب أستاذ جامعي منذ أكثر من ربع قرن ، ودبلوماسي عمل مستشاراً ثقافياً لدولة الكويت في سفارتها بالقاهرة زمناً ، كما عمل مستشاراً لمركز البحوث والدراسات الكويتية .
وعلى الرغم من تنوع اهتماماته ومشاربه الثقافية فقد غلبت عليه العناية بالتراث ، وبخاصة التراث الأدبي والنقدي العربي ، وكانت فاتحة ذلك تحقيقه المتميز لـ ” الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري ، لأبي القاسم الآمدي ( ت 370 هـ ) ثم دراسته المرسومة بـ ” ابو تمام بين ناقديه وحديثاً: دراسة نقدية لمواقف الخصوم والأنصار ” .
وقد صدر هذان العملان العلميان في مطالع العقد الأخير من القرن الماضي .
واستمر انشغاله بالتراث مرتكزاً ارتكازاً أساسياً على علمين كبيرين في تراثنا : الشاعر العباسي أبي تمام ، والناقد الآمدي ، تجلي ذلك في متابعته للأول من خلال إصداره ” النسخة الأندلسية من ديوانه برواية أبي علي القالي ( صدرت في الكويت 2011 ) وما وصل إلينا من كتاب الانتصار من ظلمة أبي تمام لأبي على المرزوقي ( ت 421 هـ ) وهذا البحث الأخير صدر في الكويت أيضاً عام 2009 .
كما تجلي في متابعته للثاني ( الآمدي ) من خلال تحقيقه نصاً له ” من اسمه مسعود من الفرسان والسادة الشعراء ” وقد شرفت مجلة المعهد بنشره في عددها الصادر في نوفمبر 1999 .
والدكتور محارب من أسرة علم ، فوالده ( حمد ) أديب وشاعر ، وقد ألف عنه كتاباً صدر في الكويت عام 2010 تحت عنوان ” حمد محارب : حياته وشعره ” .
على ان انشغاله بالتراث لم يأخذه من القضايا العامة والدرس المعاصر ، فقد كانت له إسهاماته العلمية التي صدرت عن مركز البحوث والدراسات الكويتية ، وتراوحت بين الرصد العلمي ذي الطابع السياسي ” العلاقات الكويتية المصرية ” والبحث الوثائقي ” وثائق لا تموت ” والردود ” زيارة لبيت العنكبوت ” هذا الأخير نقض فيه بعض الطروحات التي قال بها الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتابه ” حرب الخليج : أوهام القوة والنصر ” .
يحمل الدكتور محارب رؤية لمستقبل العمل التربوي والثقافي والعلمي العربي عامة ، وعمل ” المنظمة ” خاصة ، عبرت عنها كلمته التي ألقاها عقب انتخابه أمام الجلسة الختامية للمؤتمر العام الحادي والعشرين لوزراء التربية والتعليم للدول الأعضاء في ” المنظمة ” الذي انعقد بتونس يوم الأحد الموافق30 ديسمبر ( كانون الأول ) 2012 .
وتقوم رؤيته التي تشي بها الكلمة على أساسين :
– وعي واضح بضرورة إصلاح هياكل المنظمة وتحديث عملها حتي تتمكن من مواكبة التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم .
– وضع خطة شاملة ومتكاملة لمختلف نشاطات المنظمة وبرامجها . وتطمح هذه الرؤية إلى ان تشكل المنظمة – على حد تعبيره – خطاً امامياً للنهضة الحضارية للشعوب العربية وبناء الإنسان العربي .
يذكر أن د . محارب قد فاز بأغلبية 12 صوتاً ، للمنصب الذي ترشح له أربعة مرشحين : د. عبد اللطيف عبيد ( تونس ) ، د. عدنان مصطفي ياسين ( العراق ) ، د. محمد الأمين ولد الكتاب ( موريتانيا ) ، إضافة إلى د. محارب .
والمعهد إذ يتقدم بالتهنئة للدكتور محارب ليشعر بأنه سيكون تحت عين ” المنظمة ” أكثر من أي وقت مضي ، ذلك أن معالي المدير العام رجل تراث في المقام الأول : عاني النص التراثي تحقيقاً ودرساً ، وعرف قيمة التراث ودوره في صياغة حياة الإنسان وثقافته ومستقبله .