عندما تصادفُ الجائزةِ أهلَها (جائزة فيصل) لبشار معروف

تأخَّرت جائزة الملك فيصل العالمية كثيرا حتى عرفتْ طريقَها إلى بشار عواد معروف، وأعلنت مؤخرًا فوزه بها لعام 1439هـ-2018م، في فرع الدراسات الإسلامية، عن الأعمال التي أنجزها في تحقيق كتب التاريخ الإسلامي والتراجم.

وإنما قلنا تأخَّرت؛ لأن الرجلَ مستحق لها منذ زمن بعيد، من أكثر من وجه:

  • وجه مستوى أعماله، ودرجة الإتقان التي وصل إليها في مقاربة النصوص التراثية، وتحديدا التاريخية.
  • ووجه كمُّ هذه الأعمال وكثرتها، حتى إنه ليمكن القول: إنه أكثر المحققين المعاصرين غزارة إنتاجٍ.

نعم ثمة من يمكن نعتُ أعمالِه بـ”الغزارة” لكنها ليست بالدرجة ذاتها؛ إذ كثيرا ما اختلَّت معادلةُ الغزارة والجودة معًا.

كان الرجل حاضرا في وعي (معهد المخطوطات العربية) مبكِّرًا، فتعاون معه في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، وأفاد منه عضوا في اللجنة التي شكلها لوضع (أسس تحقيق التراث) التي كانت برئاسة محمد بهجت الأثري، وظل التواصل قائما إلى أن تَوَّجَه باختياره وتكريمه في القاهرة على أنه (شخصية العام التراثية) العام الماضي 2016.

شغل الدكتور بشار عواد نفسه بالتراث منذ أن تخرج في كلية الآداب بجامعة بغداد سنة 1964م، وكان ترتيبه الأول على زملائه وأقرانه، وحصل بعد ذلك على درجة الماجستير في التاريخ لتحقيقه ودراسته لكتاب (التكملة لوفيات النقلة) للحافظ المنذري (ت656ه) ثم على منحة من جامعة (هامبورغ) الألمانية سنة 1965م، أتاحت له فرصة دراسة التاريخ على يد المستشرق شبُولر، وقد أفاده ذلك في دراسته المبكِّرة عن (الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الإسلام) التي حصل بها على درجة الدكتوراه من كلية الآداب بجامعة بغداد سنة 1976م أيضا.

وبقدر ما أجهد الرجل نفسه لتحصيل الجانب الأكاديمي الذي تُوّج برئاسته لقسم التاريخ الذي تخرج فيه من قبل، عامي (1980-1981م) وعضويته لكل من: المجمع العلمي العراقي (1986م) ومجمع اللغة العربية بالأردن (1988م) ومجمع اللغة العربية بدمشق (2002م) ورئاسته لجامعة صدام للعلوم الإسلامية خلال السنوات (1989-1992م) = بقدر ما أجهد نفسه –كذلك- في ما أخرجه من عيون التراث العربي في علوم التاريخ والتراجم والحديث النبوي الشريف، التي تُعد نبراسًا مضيئا ومنهجًا متَّبعًا، يتلمس خطاه جمهور المحققين في ما يقدّمونه من نشرات نقدية.

يذكر على سبيل المثال تحقيقه لـ: أهل المئة فصاعدًا للذهبي (1973م) وتهذيب الكمال للمزي (1980م) والجامع الكبير للترمذي (1996م) وسنن ابن ماجه (1998م) وتحفة الأشراف بمعرفة الأطراف للمزي (1999م) وتاريخ مدينة السلام للخطيب البغدادي (2001م) وذيله كاملا (2007م) وتاريخ الإسلام للذهبي (2003م) والتمهيد لابن عبد البر (2017م).

بهذه المناسبة يسرُّ معهد المخطوطات العربية أن يتقدم بالتهنئة للأستاذ الدكتور بشار، متمنيًّا له موفور الصحة والمزيد من العطاء.