تألَّف هذا العدد الثاني من مجلة المخطوطات الثقافية من سبعة عشر مقالًا لمجموعة نابهة من الباحثين العرب.
والمجلة كما هو معلوم تُعنى بالتراث من حيث هو مادة ثقافية ومعرفية عصرية قابلة لأن تكون مادة جاذبة للقارئ العام لما تتميز به من سهولة التناول ووضوح الطرح وجمال العرض المعتني بالصورة والشَّكْل البصري.
تضمَّن هذا العدد الثاني مجموعة من الأبواب المتميزة (الثابتة) التي تزكي رؤية المجلة وهدفها التربوي، وهي: حِلْيات، أعلام، قِطاف، انبعاث الأمر العتيق، أنساق، فرائد، تلقيح الألباب، مصابيح، في حضرة الغياب، رفع الارتياب، سِفْر.
افتُتِح هذا العدد من قِبَل الدكتور فيصل الحفيان مدير المعهد ورئيس تحرير المجلة بسؤال الاستمرارية، بعد أن طرح في العدد الأول سؤال الجدوى من إصدار مجلة (تراثية) جديدة، حيث رأى بأن هذا السؤال الجديد سؤال غير مشروع قائلا: “إذ ما كان ينبغي له أن يكون أصلًا؛ لأنه يعكس تقصيرًا بغض النظر عما إذا كانت هناك أسباب وجيهة لهذا التقصير أو لم تكن”اهـ. لكن سرعان ما يتجاوز هذه التقدمة النقدية (النقد الذاتي) ليفتح بابًا يبعث على الأمل والتفاؤل بقدرة المجلة على الاستمرار والانتظام في إغناء الحقل الثقافي التراثي بهذا المولود الجديد بأعداد دورية حيث قال: “لنكون أكثر تفاؤلًا وأشد عزمًا على أن نستمر وننتظم ونتخلص من قيود الهم وشرنقته الخانقة لننطلق إلى فضاء الفعل الواسع وحريته الجميلة”.
وقد تنوعت المقالات بين ورقات بحثية في التعريف بجمالية المخطوط القرآني (تحت باب حِلْيات)، وترجمة عَلَمَين من أعلام التراث هما: شيخ العروبة أحمد زكي باشا ومحمد الدالي (تحت باب أعلام). كما تضمنت آخر حوار أجراه شيخ الخطاطين المعاصرين محمود إبراهيم سلامة رحمة الله عليه (تحت باب قطاف)، بالإضافة إلى موضوعات أخرى في النحت الخطي في الكتابة العربية وتواريخ حلب (تحت باب أنساق)، واستكشاف نصوص جديدة مفقودة من كتاب لحن العامة والمسودة السنانية (تحت باب انبعاث الأمر العتيق)، ناهيكم عن (باب فرائد) الذي تضمن مقالتين عن طرائف وغرائب وفيات العلماء، وفن صناعة الكتاب، في حين تطرقت سائر الأبواب لمقالات في الأقواس وإدراكيات الرسم الكتابي، والوعاء الذي غيَّر وجه الحضارة (تحت باب تلقيح الألباب)، ومقال عن الأمدة والأحبار والحوامل (تحت باب مصابيح)، واستدعى (باب في حضرة الغياب) مخطوطتين مهمتين إحداهما مصدر مهم في تاريخ مؤسس الدولة الزيانية في المغرب الأوسط، وثانيهما مخطوطة مجهولة لكتاب “الملاحن” لابن دُرَيد (ت321هـ)، وفي (باب رفع الارتياب) حاولت مقالة نسخة المؤلف بين النشر والتحقيق دراسة قضية فيلولوجية مهمة في علم التحقيق تتعلق بقواعد تحقيق نسخة المؤلف (Holograph) وقانون التعامل معها، وخُتِمت المجلة بـ (باب سِفْر) حيث احتوى على مقال يعرِّف بطِرْس صنعاء التاريخي للمصحف الكريم، ويقدم تحليلا مفصلًا له من خلال دراسة باحثين غربيين (بنهام صادقي ومحسن كودرزي).