نظَّمَ معهدُ المخطوطات العربية، ظُهْرَ الجمعة الماضية (21 من رجب 1445هـ / 2 من فبراير 2024م)، ندوةً علميَّةً على هامش فعاليات الدورة الخامسة والخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2024م، بعنوان: (المخطوط العربي وشيء من قضاياه). تحدَّثَ في هذه الندوة الأستاذ الدكتور أحمد فؤاد باشا (نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق، وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة)، وأدارها الأستاذ الدكتور مراد الريفي (مدير معهد المخطوطات العربية).
قدَّمَ مديرُ المعهدِ للندوةِ بمقدِّمةٍ وافيةٍ، أشارَ فيها سيادته إلى حِرْصِ المعهد على الحضور في مثل هذه الفعاليَّات الثقافية، التي يعدُّها وسيلةً فعَّالةً لتعريف الجمهور بالمخطوط العربيِّ وقضاياه المختلفة، كما نقل سيادته شكرِ الألكسو إلى وزارة الثقافة المصرية والهيئة العامة المصرية للكتابِ على هذا التنظيمِ الرائع الذي يزدانُ في كلِّ عامٍ عن سابقِه، وإلى الأستاذ الدكتور أحمد فؤاد باشا، الذي لبَّى دعوةَ المعهدِ في الحديث عن هذا الموضوعِ الشيِّق، وإلى الجمهورِ الكبيرِ الذى حرصَ على حضور الندوةِ.
أمَّا المُحاضِرُ فقد تطرَّقَ إلى إشكاليَّةٍ رئيسةٍ مِن إشكاليَّاتِ تحقيق النصوص التراثية، وهي إشكاليَّةُ ثقافة المُحقِّقِ، التي تنطلقُ ابتداءً مِن التخصُّصِ الدقيقِ في موضوعِ النصِّ المُرادِ تحقيقُه، والذي يُعطيه الدرايةَ الكاملةَ بموضوعاتِ العِلْمِ ومُصطلحاتِه القديمةِ والحديثة، والدرايةَ الكاملةَ بمصادرِ العلمِ ومناجمه، والدرايةَ بجديدِ العلم ومراجعه الحديثة.
وذكرَ سيادته أنَّ تلك الثقافة مفقودةٌ عند جُلِّ المُشتغلين بالنصِّ التراثيِّ العلميِّ، وضربَ لذلك أمثلةً عديدةٍ مِن تراثنا العلمي، مثل: كتاب (المناظر) للحسن بن الهيثم (ت430هـ) الذي يُظَنُّ أنَّ أحدًا مِن المختصِّين لم يقرأه بعدُ قراءةً كاملةً وافيةً، وكذلك كتاب (القانون في الطب) للشيخ الرئيس ابن سينا (ت428هـ)، الذي ظلَّ المرجعَ العلميَّ الأوحدَ في أوروبا طيلةَ خمسة قرون، ولم يسبُرْ أغوارَه المشتغلونُ بالنصِّ التراثي الطبي بعدُ.
اختُتمت الندوةُ التي دامت نحوَ ساعةٍ بعددٍ مِن المداخلات والأسئلة المهمَّةِ التي أبداها الجمهورُ، والتي توقَّفت نحو إشكالية التخصُّصِ العلميِّ للمحقِّق وآلية تكوينه، وقيمة التراث العلميِّ في عصرنا الحاضر.