شرح الملخص في الهيئة لكمال الدين التوركاني (كان حيًّا 755هـ)
كمال الدين التوركاني من علماء الحضارة العربية الإسلامية في علم الفلك بدولة مغول القفجاق (خانية القبيلة الذهبية)، من أبناء القرن الثامن الهجري، وألّف كتابه هذا بمدينة (كلستان) بأذربيجان حاليا.
وورد في طبعة المستشرق الألماني فلوجل لكتاب (كشف الظنون): ” كمال الدين التركماني المتوفى”. وفي طبعة محمد شرف الدين يالتقايا ورفعت بيلكه الكليسي: “كمال الدين التركماني “محمد بن أحمد الحنفي” المتوفى سنة “750”.
وفي كلا الطبعتين تصحيف لما ورد في مسوّدة حاجي خليفة من (كشف الظنون) نسخة جار الله (تركيا) رقم (1619) التي ورد فيها “وكمال الدين التركاني المتوفى” هكذا من غير ذكر للتاريخ. وكتب بخط دقيق أسفله “فرغ من تأليفه بمدينة كلستان في رمضان سنة 755 “. وقد صحّح ذلك الخطأ في طبعة أكمل الدين إحسان وبشار عواد معروف.
يعد كتاب (الملخص في الهيئة) لمحمود بن محمد بن عمر الجغميني متن تعليمي في علم الفلك، وهو مرتب على مقدمة، ومقالتين. المقدمة في أقسام الأجسام. والمقالة الأولى في بيان الأفلاك السماوية. والثانية في بيان الأرض وما يتعلق بها.
وقد حظي ذلك المتن بالقبول لدى مجتمع المعرفة من المشتغلين بعلم الفلك في الحضارة العربية الإسلامية فكثرت عليه العلاقات التصنيفية، حتى صنع له حاجي خليفة مدخلا في (كشف الظنون)، وأورد فيه ثلاثة عشر مؤلفا ما بين شرحا وحاشية على هذا المتن المؤسس.
ويقع شرح كمال الدين التوركاني ضمن الشروح المختصرة لكتاب (الملخص في الهيئة) التي كان الاشتغال بها تأليفا وكتابه خلال شهر رمضان المعظم قدره، ويمثل هذا العمل ونحوه إضاءة مهمة في كون الاشتغال المعرفي في شهر رمضان لم يقتصر على كتب التفسير وعلوم القرآن وإنما كانت العلوم التطبيقة كالطب والهندسة والفلك حاضرة في التراث العربي والإسلامي.
من العتبات النصية التراثية الورادة بمقدمة العمل إهداء كمال الدين التوركاني لكتابه (شرح الملخص في الهيئة) للسلطان المغولي جاني بك محمود بن محمد أوزبك خان (ت758هـ)، وفي خاتمة العمل يرجو المؤلف أن يقع كتابه من المهدى إليه موضع الرضا. وذلك الصنيع من إهداء العلماء مؤلفاتهم للملوك والأمراء والأعيان ونحوهم من تقاليد التأليف المتواترة على مر العصور في الحضارات المختلفة.
وسبب اختيار التوركاني لكتاب (المخلص في الهيئة) أن مؤلفه محمود الجغميني ضمّن كتابه خلاصة كتاب (المجسطي) للعالم الإغريقي المصري بطليموس مع إضافة الحجج والبراهين القاطعة عليها.
وتحتفظ مكتبة جامعة برنستون (مجموعة جاريت) بنسخة نفيسة بخط المؤلف، رقم الحفظ (505H)، وتقع في (53) ورقة، وقد ذكر التوركاني بحرد المتن أنه فرغ من التأليف بمدينة كلستان في السادس والعشرين من رمضان سنة خمس وخمسين وسبعمائة.
ونص حرد المتن: “وهذا آخر ما تيسر من شرح هذا الكتاب على سبيل الاستعجال لضيق المجال، وأرجو أن يقع من خادم حضرته العالية موضع رضاه، وأسأل الله تعالى أن يبلغه مبلغه ومتمناه إنه على ]ما[ يشاء قدير وبالإجابة جدير، والحمد لله رب العالمين، وقع تأليفه وكتابته في السادس والعشرين من رمضان من شهور سنة خمس وخمسين وسبعمائة بمدينة كلستان –حماها الله تعالى عن الآفات والعاهات، وأنا الداعي الجاني كمال التوركاني، وصلى الله على محمد وآله أجمعين الطيبين الطاهرين وسلم تسليما دائما كثيرا كثيرا ”