المعهد يختتم احتفاليتَه الرسميَّةَ ليوم المخطوط العربي بالرباط

تحت شعار (تراثُنا المخطوط ومُقوِّمات التواصلِ الحضاريِّ):

معهدُ المخطوطات العربية يختتمُ احتفاليتَه الرسميَّةَ ليوم المخطوط العربي بالرباط

اختتمَ معهدُ المخطوطات العربية (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ـ ألكسو) ـ برعايةٍ كريمةٍ من معالي الأستاذ محمد المهدي بنسعيد (وزيرِ الشَّبابِ والثَّقافةِ والتَّواصُلِ المغربيِّ)، ومعالي الأستاذ الدكتور محمد ولد أعمر (المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ـ ألكسو) ـ احتفاليتَه الرسميَّةَ ليوم المخطوط العربي لعام 2024م، في رحاب المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالعاصمة (الرباط).

انطلقت فعاليَّاتُ اليوم بافتتاحِ معالي الأستاذ محمد المهدي بنسعيد (وزيرِ الشَّبابِ والثَّقافةِ والتَّواصُلِ المغربيِّ)، وسعادة الأستاذ الدكتور مراد الريفي (مدير معهد المخطوطات العربية)،  المعرضَيْنِ المُصاحبين للاحتفالية، وهما: معرض اللوحات الخطيَّة المتطوِّر الذي أعدَّه معهدُ المخطوطات في موضوع اليوم، ومعرضُ نوادر المخطوط الأصول المُنتقاة، المحفوظة بالمكتبة الوطنية المغربية. أعقبَ ذلك الدخول مباشرةً إلى القاعةِ الكبرى بالمكتبة، لبدء الجلسة الافتتاحية وفقراتها المتنوِّعة.

وقد رَحَّبَ معالي الأستاذ محمد المهدي بنسعيد، في كلمتِه الافتتاحيَّةِ، بالسادة الضيوفِ، ونوَّه بأنَّ رعاية الوزارةِ لهذا اللقاء العلميِّ تعكسُ الجهودَ المتميزة التي يقومُ بها المغربُ على المستوى الثقافي.

وأضاف بنسعيد إنَّ موضوعَ يوم المخطوط العربي لهذا العام (تراثُنا المخطوط ومقومات التواصل الحضاري) من الأهميَّةِ بمكانٍ، إذ يُشكِّلُ أحدَ مداخل مُناقشة التواصل الحضاريِّ بين الأُممِ، خاصة أنَّ هذا التواصلَ يشهدُ أزماتٍ متتاليةً بسبب سُوء الفهمِ بين العالَمِ الغربيِّ والعالَمِ الإسلاميِّ، وقد كانت المملكةُ مُنطلقًا للتواصلِ الحضاريِّ الفاعلِ مع الأُمم الأخرى، إضافةً إلى سُهمتها واهتمامِها الملحوظ بالمخطوطات؛ حيث تُنظِّمُ سنويًّا جائزةَ الحسن الثاني للمخطوطات منذ عام 1963م، بهدف الإسهامِ في تجميع التراث المغربي المخطوط المُوزَّعِ بين الأُسَر المغربيَّةِ، عن طريق تصويره ورقمنته وإيداعِ نُسخةٍ منه بالمكتبة الوطنية، ولدى مؤسَّسة أرشيف المغرب، مما يبثُّ الوعي بأهمية المخطوط بين أبناء الأُسرِ والأفراد، ويحثُّهم على إخراجِ هذا الإرثِ حتى يفادَ منه عمومُ الباحثين والمُشتغلين.

وفي ختام كلمتِه أبدى معاليه رغبتَه في فتح باب التعاونِ للعمل على تطوير مجال المخطوط العربي، والعملِ على إقامة العديد من الدورات والورشات التدريبية بشكلٍ منتظم؛ الأمر الذي مِن شأنِه تسليطُ الضوء على هذا المجال المُهمِّ في حياتنا المعرفيَّةِ.

وفي كلمة معالي الأستاذ الدكتور محمد ولد أعمر ـ التي ألقاها نيابةً عنه الأستاذ الدكتور مراد الريفي (مدير معهد المخطوطات العربية) ـ عبَّر معاليه عن سعادته وتقديره للمملكة المغربية الشقيقة في استضافتِها هذا الحدثَ المهمَّ، وهو ما يُعَدُّ دعمًا مهمًّا للعملِ العربيِّ المُشترك الذي تشهده المملكة في ظل القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس.

مِن جانبِه صرَّحَ سعادة الأستاذ الدكتور / مراد الريفي بأنَّ الاحتفالَ الرسميَّ ليومِ المخطوط العربيِّ يأتي هذا العام في ظرفيَّةٍ تتصفُ بتصاعُدِ أعطابِ التواصُلِ الحضاريِّ بين الأُمَمِ والشُّعوبِ، جرَّاءَ تلك الأفكارِ النَّمَطيَّةِ والجاهزةِ، واستغلال الإعلام المغرضِ لترسيخ فكرة ارتباطِ العربيِّ المُسلم بالإرهابِ والعُنْفِ وعدمِ احترامِ حُقوق الإنسانِ، وهو ما ينعكسُ سلبًا بطبيعةِ الحال على الحضارةِ العربيةِ الإسلاميَّةِ سنةً بعدَ أُخرى، على الرغم مِن تلك الصفحات الناصعة في تراثنا التي تُظهر للعالم كيف تأسَّست حضارتُنا على التواصُلِ مع الآخَر، وبناء الائتلاف، وتدبير الاختلاف معه؛ وهو ما ضمنَ عبرَ قرونٍ عيشًا مُشتركًا راحمًا متآخيًا.

وأضاف الريفيُّ إنَّ اختيارَ موضوع هذا اليوم إنما جاءَ ليستهدفَ إحياءَ الاهتمامِ بالتجليَّاتِ والمظاهرِ المعرفيَّةِ التي يزخرُ بها الإرثُ المعرفيُّ العربيُّ ، والتي مدارُها التواصُل مع الثقافاتِ والحضاراتِ الأُخرى.

عُرِض بعد الكلمتَيْن الرسميَّتَيْنِ فيلمٌ وثائقيٌّ عن موضوعِ اليوم، مِن إعداد معهد المخطوطات العربية. تَلَتْه مَرَاسِمُ التكريم وتسلُّم الدُّروع مِن قِبَل معالي الوزير، وسعادةِ مدير معهد المخطوطات، والأستاذ الدكتور أحمد شوقي بنبين (محافظ الخزانة الملكية بالرباط) لكلٍّ مِن: مؤسَّسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية ببيت المقدس (ميثاق)، بوصفِها (مؤسسة العام للعملِ التراثيِّ بالوطن العربي)، وكتاب (الديوان الكبير)، لابن العربي الحاتمي (ت638هـ)، تحقيق: د. عبد الإله بن عرفة، بوصفه (كتاب العام التراثي بالوطن العربي)، والأستاذ الدكتور أحمد فؤاد باشا، بوصفه (شخصية العام للبحث التراثي بالوطن العربي).

هذا، وقد شهدت الجلسةُ الافتتاحيَّةُ ـ أيضًا ـ تسليمَ درع الألكسو لمعالي الوزير معالي الأستاذ محمد المهدي بنسعيد، تقديرًا وعرفًا مِن معالي الأستاذ الدكتور محمد ولد أعمر (المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ـ ألكسو)، وقد تفضَّل بتسليمِه لمعالي الوزير ـ نيابة عن معالي مدير الألكسو ـ سعادةُ الأستاذ الدكتور مراد الريفي (مدير معهد المخطوطات العربية).

أعقبَ ذلك تسليم درع التكريم الاستثنائي للأستاذ عبد الله محمد بلال الموريتاني، مؤسِّسِ جمعية دار المخطوط العربيِّ، نظرًا لدورِه المُهمِّ في جمع المخطوطات وحفظِها والتعريف بها، كما سلَّم سعادةُ مدير معهد المخطوطات العربية درعًا تكريميًّا للمكتبة الوطنية للملكة المغربية التي احتضنت هذا الحفل، تسلَّمته الأستاذةُ لطيفة مُفْتَقِر (مديرة المكتبة بالنيابة)، وآخرَ للجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم بالمملكة المغربيَّةِ، تسلَّمَه أمينُها الأستاذ جمال الدين العَلْوة.

وقبل أنْ تُخْتَتمَ الجلسةُ الافتتاحيةُ ـ في الواحدةِ ظهرًا ـ بعرضٍ موجز للجهاتِ والمؤسَّسات، التي شاركت بفعالياتٍ علميَّةٍ احتفاءً بيوم المخطوط العربي في دورته الثانية عشرة في أرجاء الوطن العربي، والتقاطِ صورة جماعية للحضور، ثم جولةٍ تفقُّديَّة للمكتبةِ الوطنيةِ، تمَّ توقيعُ مذكرةِ تعاونٍ بين معهدِ المخطوطاتِ العربية والمكتبة الوطنية بالمملكة المغربيَّةِ، أهدى عقبه معالي الأستاذ الدكتور عبد الله يوسف الغنيم إلى المكتبة الوطنية ـ بتنسيق مع معهد المخطوطات ـ خمسة آلاف مخطوط مرقمن مِن نوادر المخطوطات العربية.

هذا، وفي تمام الرابعة والنصف عصرًا بدأت الجلسةُ العلميَّةُ للاحتفالِ، حيث كان اللقاءُ الأوَّلُ للمُكرَّمين من أصحاب المؤسَّسة، والشخصيَّةِ، والكتابِ، تلاها بعدَ استراحةٍ يسيرةٍ اللقاءُ الثاني (الأخير) الذي خُصِّص لموضوع اليومِ، وقد تحدَّثَ فيه كلٌّ مِن: الأستاذ الدكتور عبد الحميد عشَّاق (المغرب)، بمداخلةٍ عنوانُها: (دور المخطوط العربي في تحقيق التواصل العلمي بين الغرب الإسلاميِّ ودُول غرب إفريقيا)؛ والأستاذ الدكتور عبد الرحمن سالم (مصر)، بمداخلة عنوانُها: (ملاحظات حول دور التراث العربيِّ المخطوطِ في التواصل الحضاريِّ)، والأستاذ عبد الله محمد بلال (موريتانيا)، بمداخلةٍ سريعةٍ عن (التواصل الحضاري في مجموعة مخطوطات دار المخطوط العربي)، تخلَّل ذلك ـ وتلاه ـ تسليم شهادات التقدير لبعض المشاركين في الجلسة العلميَّةِ، وكذا للفريقِ المُنسِّق بالمكتبة الوطنية.


كلمة معالي الأستاذ محمد المهدي بنسعيد (وزيرِ الشَّبابِ والثَّقافةِ والتَّواصُلِ المغربيِّ)


كلمة سعادة الأستاذ الدكتور مراد الريفي