حواضر المعرفة|مكة المكرمة|القاموس المحيط والقابوس الوسيط الجامع لما ذهب من كلام العرب شماطيط للفيروزآبادي (ت817هـ)

القاموس المحيط والقابوس الوسيط الجامع لما ذهب من كلام العرب شماطيط للفيروزآبادي (ت817هـ)

أبو طاهر مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشيرازي الفيروزآبادي الزبيدي الشافعي اللغوي.

ولد بمدينة كارزين بشيراز سنة تسع وعشرين وسبعمائة (729) للهجرة النبوية، وبها تفقّه، وطوّف بحواضر زمانه طلبا للعلم، فرحل إلى العراق ودخل واسط وبغداد، وثم ارتحل إلى الشام ودخل دمشق وبعلبك وحماة وحلب والقدس وغزة والرملة، ثم دخل القاهرة، وسافر إلى الهند، وعاد منها عن طريق اليمن قاصدا مكة المكرمة وجاور بها، ثم ألقى عصا التسيار في زبيد باليمن، وبها كان مستقره وولي قضاءها، وفيها كانت وفاته.

ومن مؤلفاته: (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز)، و(البلغة في تراجم أئمة النحاة واللغة)، و(تحبيير الموشين في التعبير بالسين والشين)، و(الغرر المثلثة والدرر المبثثة)، و(المغانم المطابة في معالم طابة).

يعد (القاموس المحيط) مختصرا لخّصه الفيروزآبادي من معجمه (اللامع المعلم العجاب، الجامع بين المحكم والعباب، وزيادات امتلأ بها الوطاب)، ووصفه المؤلف بمقدمته بكونه: «كتاب وجيز على ذلك النظام، وعمل مفرغ في قالب الإيجاز والإحكام، مع التزام إتمام المعاني، وإبرام المباني، فصرفت صوب هذا القصد عناني، وألفت هذا الكتاب محذوف الشواهد، مطروح الزوائد، معربا عن الفصح والشوارد».

وبقيد الفراغ من التأليف، يذكر المجد مكان تأليفه لمعجمه، فيقول:  «هذا آخر (القاموس المحيط والقابوس الوسيط)، عُنيتُ بجمعه وتأليفه وتهذيبه وترصيفه، ولم آل جهدا في تلخصيه وتخليصه وإتقانه… وقد يسّر الله تعالى إتمامه بمنزلي على الصفا المشرفة تجاه الكعبة المعظمة زادها الله تعظيما وشرفا».

يذكر أ. أحمد عبد الغفور عطار بمقدمة تحقيقه لمعجم (الصحاح) للجوهري أن (القاموس المحيط): «بعث النشاط في محيط التأليف المعجمي، وقد تلقي القاموس بالترحاب والإكبار، وقامت حوله دراسات، وألّف العلماء كتبا كثيرة تناولوا فيها القاموس من مختلف الزوايا».

ومن ذلك ما رصده د. عاطف مغاوري بمقدمته لتحقيق (الوشاح وتثقيف الرماح في رد توهيم المجد الصحاح) حيث أورد قرابة سبعين مؤلفا في فلك معجم (القاموس المحيط).

وختم السخاوي ترجمته للفيرزآبادي في (الضوء اللامع) بقول الأديب نور الدين علي بن محمد بن العليف المكي، وقد قرأ عليه القاموس:

مُذْ مَدَّ مجد الدِّينِ في أَيَّامِهِ * مِن بعضِ أَبحُرِ عِلمِهِ القَامُوسَا

ذَهَبتْ صِحَاحُ الجوهرِي كأنها * سِحْرُ المدائِن حين ألقَى مُوسَى

وأول ما يظهر من العلاقات النصية التي كان يهدف إليه الفيروزآبادي، وصرح بها بمقدمة (القاموس المحيط) علاقة الاستدراك بالتكملة على (الصحاح) للجوهري، كما يلاحظ الاستدراكات بالتصويب التي بلغت مواضعها قرابة 300 موضع في ثنايا المعجم.

ومع محاولة الفيروزآبادي الإزاحة لمعجم (الصحاح) ليحل معجمه مكانه، وتابعه في ذلك مناصروه إلا أنك تجد أن عملية الإزاحة تلك لم تنجح بصورة كلية، على العكس من ذلك فقد ظهرت بكثرة الأعمال المؤيدة المدافعة عن (الصحاح) بعد (القاموس المحيط)،  وبالرغم من وجود أعمال نقدية سبقت الفيروزآبادي إلا أن عمله النقدي هذا أدى إلى حركة دفاع مضادة ومزيد من الاهتمام بمعجم (الصحاح).

ومع تعقّب الفيروزآبادي للجوهري إلا أنه صار على منواله، اتبع مدرسته المعجمية في الترتيب،  حيث رتب مواد معجمه وفق مدرسة القافية معتمدا على الباب والفصل، وقيل في مفتاح الكشف بالقاموس المحيط:

إذا رُمْتَ في القاموسِ كَشْفا لِلَفْظةٍ * فآخِرُها للبابِ والبدْءُ للفَصْلِ

ولا تـعتـَبِرْ فـي بدئِهـــا وأخــيـرِهــــا * مَـزيـدا ولكـنّ اعـتــبـــاركَ بـالأصْــــلِ