حواضر المعرفة|مكة المكرمة|الدرر السنية والجواهر البهية من الأحاديث النبوية والأخبار المروية لتقي الله ابن فهد المكي (ت871هـ)

تقي الدين أبو الفضل محمد بن محمد بن محمد بن فهد الهاشمي العلوي المصري الأصفوني المكي.

ولد سنة سبع وثمانين وسبعمائة للهجرة النبوية بقرية أصفون من مدينة إسنا التابعة لمحافظة الأقصر بمصر ، وانتقلت أسرته إلى مكة المكرمة سنة خمس وتسعين وسبعمائة. وتلقى العلم على شيوخ مكة المكرمة، ورحل إلى اليمن مرتين.

وينتمي تقي الدين محمد إلى أسرة بني فهد الأسرة العلمية الهاشمية التي ينتسب إليها عدد من محدثي ومؤرخي مدينة مكة المكرمة، وذكر  الكتاني في (فهرس الفهارس) ترجمته لبيت ابن فهد: «وأنت إذا تأملت قلّ أن نجد في بيت في الإسلام أربعة من الحفاظ في سلسلة واحدة من بيت واحد يتوارثون الحفظ والإسناد غير هذا البيت العظيم».

ومن فضائل المجاورة بمدينة مكة المكرمة على تقي الدين ابن فهد ملاقاته لجمع كبير من علماء حواضر المعرفة العربية وردوا مكة المكرمة للحج أو الزيارة أو المجاورة ، وقد سرد  السخاوي في (الضوء اللامع) عددا من العلماء حصّل منهم ابن فهد الإجازة، حيث يقول: «وأجاز له من القاهرة ومصر والإسكندرية وبيت المقدس والخليل ودمشق وحلب وحمص وحماه وبعلبك وغيرها من البلاد خلائق ، منهم : زين الدين العراقي ، ونور الدين الهيتمي ، وكمال الدين الدميري ، ومحمد بن حسن الفرسيسي ، وأحمد بن عمر بن أبي البدر الجوهري ، وعبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الحلبي ، وبدر الدين بن أبي البقاء السبكي ».

ومن مؤلفاته:  (البدور الزواهر مما للمختار وعترته من المفاخر)، و(الزوائد على حياة الحيوان للدميري)، (لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ)، و(المنهج الجلي إلى شيوخ قاضي الحرمين السراج الحنبلي)، و (نهاية التقريب وتكميل التهذيب).

يتضمن كتاب (الدرر السنية والجواهر البهية) جملة من الأحاديث والأخبار في الترغيب والحث على أعمال البر واصطناع المعروف، كما يقدّم الكتاب صورة من صور التفاعل البنَّاء بين مجتمع المعرفة والمؤسسات الإدارية في الحضارة العربية، حيث كان الدافع لتأليف ابن فهد هذا العمل مقصدين:

المقصد الأول: الإشادة بالأعمال العمرانية للوزير أبي المحاسن يوسف العضدي المالكي المخدومي الجمالي ناظر الجيش المصري في سلطنة السلطان المملوكي جقمق- في خدمة مكة المكرمة من بناء المدارس والأربطة والسبل في جاور الكعبة والوقف عليها.

والمقصد الثاني: حث الوزير على عمارة مسجد الخيف، حيث يقول ابن فهد: «وقصدت بجمعها في هذا الكتاب ووضعها ترغيبه –وقاه الله تعالى سوء العنا- في عمارة مسجد الخيف الذي بمنى، فإنه أولى بذلك من جميع ما عمّر؛ لأنه قد خرب ودثر، وصار كيمانا من التراب والحجر».

وفي قيد الفراغ من التأليف يقول ابن فهد: «وانتهى تبييض هذا الجزء جوار الكعبة الشريفة في مكة المنيفة بمنزل مؤلفه فقير رحمة ربه خادم سنة نبيه المكرم الملتجي إلى حرمه وبيته المعظم العبد ابن فهد الهاشمي محمد… في يوم الخميس الرابع من شهر ربيع الثاني أحد شهور سنة خمس وخمسين وثماني مائة».

وتحتوى المكتبة الوطنية الفرنسية على نسخة خطية من الكتاب تحت رقم (721 عربي)، قوبلت على نسخة المؤلف مع المؤلف نفسه، ثم عورضت على تقي الدين ابن فهد مرة أخرى بقراءة ابنه عمر في العام التالي من تاريخ التأليف؛ أي سنة 856 من الهجرة النبوية.