أبو الخير شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السّخاوي.
ولد بالقاهرة سنة أحد وثلاثين وثمانمائة، ورحل طلبا للعلم إلى كثير من الأقطاركدمشق، وحلب، وبيت المقدس، والخليل، ونابلس، والرملة، وحماة، وبعلبك، وحمص. وتوفي رحمه الله في المدينة المنورة سنة اثنين وتسعمائة من الهجرة النبوية.
تعلّق السخاوي كغيره من العلماء والأولياء بالمجاورة بالحرم المكي الشريف، ولكن قلب السخاوي ازداد عنهم شغفا بالمجاورة فكنت له عدة مجاورات في أزمنة مختلفة، صرح بها في (الضوء اللامع)، فعيّن الكثير من أخباره بقوله: «ولقيته بمكة في المجاورتين الأوليتين»، و«في مجاورتي الثالثة»، و«هي مجاورتي الخامسة»،و«لازمني في مجاورتي الرابعة والخامسة»، و«في مجاورتي الأخيرة» ونحوها من المواضع التي تجاوزت الأربعين موضعا.
وقد أورد السخاوي أخبارا كثيرة تعرض صورا لنشاطه العلمي حال المجاورة بمكة المكرمةفي كتابه (الضوء اللامع)، ووردت خلالهاكلمة «مجاورتي»مع تعلقها بمكة في مواضع كثيرة في إطار عرضه لأخبار طرق التلقي والأداء من مجالس سماع أو قراءة أو انشغال بدرس أو انكباب كتاب لملازمته للعلماء أو ملزمة طلبه العلم له، كما جعل السخاوي من مجاوراته موضعا زمانيا يحيل عليه فيما يورده من أخبار الشخصيات التي يترجم لها في تاريخه.
من مؤلفاته:(البلدانيات)، و(التحفة اللطيفة في أخبار المدينة الشريفة)، و(الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر) ، و(الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع) ، و(المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة).
يعد هذا العمل سفرا عربيا فريدا في بابه، يبين منزلة علم التاريخ وفائدته وغايته، متبعا ذلك بأنواع كتب السير والتراجم وأهم المؤلفات في كل نوع منها.
وعرف السخاوي علم التاريخ بمقدمة العمل بقوله: « فن يُبحث فيه عن وقائع الزمان من حيثية التعيين والتوقيت بل عما كان في العالم».
وقد سرد السخاوي الفوائد الدنيوية والدينيةلعلم التاريخ ردا على مَن ذمّ هذا العلم على وجه الخصوص أو العموم، ثم استشهد بأقوال العلماء السابقين المدافعين عن علم التاريخ كالعيني والعز الكناني، مع ذكر لشبهات الذامين لعلم التاريخ والرد عليها.
وقد طرق السخاوي شروط المؤرخ من العدالة والضبط والإتقان والتحري ونحوها من الآداب والتقاليد المعرفية التي يجب أن يتحلى بها المشتغل بفن بعلم التاريخ.
واتبع السخاوي ذلك بذكر أنواع التصانيف في علم التاريخ، وأهم المؤلفات في كل نوع منها، وقد عرض أربعين نوعا لكتب التراجم والسير استخرجها من تاريخ الذهبي حسبما ذكر.
ورد بقيد الفراغ من التأليف: «انتهى تبيضه مع إنني لم استوفِ فيه الغرض في أحد الربيعين سنة سبع وتسعين وثمانمائة بمكة المشرفة، قاله وكتبه محمد بن عبد الرحمن السخاوي الشافعي، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما».