ختام المنتدى التراثي الأول في المعهد

                       “النص التراثي التاريخي بين تقاليد الكتابة وطرق التعامل”

5ناقش المعهد الثلاثاء الماضي ( 14 من فبراير 2017) في منتداه التراثي الأول لعام 2017 إشكالية النص التاريخي بين تقاليد الكتابة وطرق التعامل، وذلك باستضافة الدكتور بشَّار عواد معروف (محقق دواوين التاريخ والتراجم المعروف)، والدكتور أيمن فؤاد سيد (أستاذ التاريخ الإسلامي، ومدير مركز تحقيق النصوص بالأزهر الشريف).

شهد  المنتدى حضورًا مشهودًا مِن أساتذة الجامعات المصرية والمعنيين بالشأن التاريخي، وقد استهلَّ د. فيصل الحفيان مدير المعهد اللقاءَ بالقول: «إنَّ النصَّ التراثيَّ عمومًا هو نصٌّ تاريخي في الدرجة الأولى؛ إذ إنَّه قادمٌ مِن حقبةٍ تاريخية لم نكن فيها، ولفت إلى أنَّ المؤرخين المسلمين الأوائل قد بذلوا جهدًا كبيرًا في تدوين التاريخ، وليس صحيحًا أنْ نعدَّهم قصَّاصًا ونقلةً فحسب، فكلٌّ منهم قد أضافَ لبنةً في صرحِ التاريخ الإسلامي، حتى استوى هذا البناء على سُوقه في هيئة نظريات تعلِّل وتنقد وتستخلص التاريخ».

بدأ الدكتور “أيمن فؤاد سيد” حديثَه، عن طرق الكتابة التاريخية وتقاليدها عند المؤرخين المسلمين، بالقول بأنَّ الكتابة التاريخية بدأت في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري مع مدرسة المدينة ثم مدرسة العراق، وأنَّ البداية الأولى كانت مرتبطة مقتضيات دينية محضة، فكان الانطلاق بتدوين مغازي الرسولﷺ؛ الأمر الذي عدَّه يوسف هوروفيتس صاحب كتاب (المغازي الأولى ومؤلفوها) امتدادًا لأيام العرب في الجاهلية، ثم تدوين السيرة النبوية الشريفة، التي كانت بمثابة النواة الأولى للروايات الإخبارية، وشكَّلت العنصر الأهم في تطور علم التاريخ عند المسلمين.

وقال: إنَّه في مقابل هذا الاتجاه (اتجاه أهل الحديث) الذي كان سائدا في مدرسة المدينة، كان هناك اتجاه آخر أوجدته الصراعات والفتن المبكرة في الدولة الإسلامية، وهو اتجاه الحاميات القبلية، الذي كانت تمثله الكوفة والبصرة (مدرسة العراق).

وذكر أن التاريخ الإسلامي شهدَ أنساقًا تأليفية عديدة، ككتب الحوليات، والتراجم العامة، والطبقات، والتاريخ العام، والرجال، والجرح والتعديل، وللأسف لم يُنشر منها إلا القليل.

أمَّا الدكتور بشَّار فقد وقف عند طرق التعامل مع النصِّ التاريخي وآليات نشره نشرًا نقديًّا، وما ينبغي أنْ يكون عليه محقق هذه النصوص مِن اشتراطات علمية، وصفاتٍ أخلاقية.

وفي أثناء ذلك أثار بعضَ التصريحات الشائكة التي أثارت مداخلات الحضور، وتعليقاتهم، منها:

  • أهمُّ كتبِ التاريخ الأولى، ككتب الطبري، والمسعودي، واليعقوبي، وابن الأثير، والبلاذري، وغيرها التي حقَّقها المستشرقون وسبقونا إليها، طبعها المحققون العرب بعد ذلك على طبعات المستشرقين، ووقعوا في الأخطاء نفسها التي وقع المستشرقون فيها مِن قبل، وأجدر بهم أنْ يعمدوا إلى جمع النسخ الخطية المعتبرة.
  • لم تسلم بعض كتب التاريخ مِن زيادات هي مِن وضع الرُّواة لها، ولم يفطن المحققون العرب إليها.
  • أعظم مؤرِّخ أنتجه الإسلام هو محمد بن جرير الطبري (ت310هـ)؛ فقد استخدم منهج المحدِّثين في التاريخ، يقوم بحصر الروايات المتعددة للخبر الواحد، ثم ينقد أسانيدها المختلفة ليصل بذلك إلى حقيقة الخبر.
  • كتبُ الناقلين عن النصِّ الأول هي بمثابة نسخٍ ثانية للنصِّ، يُركن إليها لإقامة النص الأول وتقويم عوجِه.
  • ابن خلدون دون المتوسط في الكتابة التاريخية، فهو غير مشتغل بالتاريخ، وقد نقلَ كتابَه مِن نسخة رديئة من كتاب (الكامل في التاريخ) لابن الأثير.