حواضر المعرفة|مكة المكرمة|در التتويج بتعريب مؤامرات الزيج لحسن بن محمد الشهير بقاضي حسن الفصيحي(كان حيا 1014هـ)

حسن بن محمد المكي الفلكي الشهير بقاضي حسن الفصيحي، من علماء القرن الحادي عشر الهجري.

 تنوعت صور الاشتغال المعرفي بمكة المكرمة في الحضارة الإسلامية من التأليف والإملاء والسماع والقراءة والنساخة ونحوها من آليات التداول المعرفي التي يثري بعضها بعضا.

يذكر قاضي حسن الفصيحي وجها من وجه هذا التفاعل المعرفي بين أعضاء المجتمع المعرفي بالحرم المكي المعظم والذي كان من نتائجه  شروعه في هذه الترجمة أنه في عام 1014 للهجرة النبوية، حيث إنه قام بملازمة الشيخين المكيين محيي الدين عبد القادر بن محمد بن يحيى بن مكرم الحسيني الطبري المكي مولدا ووفاة، وشهاب الدين أحمد بن الفضل بن محمد باكثير المكي الشافعي.

وكان بداية الاشتغال بينهم بقراءة (شرح الجغميني) لقاضي زاده الرومي في علم الهيئة، ثم كان الشروع في دراسة (مفتاح الحساب) لغياث الدين جمشيد الكاشي، وبعد الانتهاء منهما يذكر قاضي حسن أن صاحبيه «تطاولت أعناق عزمهما إلى قراءة زيج الملك الجليل ميرزا ألغ بيك بن شاه رخ بن تيمور كوركان».

والزيج في (تاج العروس) للزبيدي: كتاب يحسب فيه سير الكواكب، وتستخرج التقويمات، أعني حساب الكواكب سنة سنة، وهو بالفارسية زه، أي الوتر، ثم عرب فقيل: زيج، وجمعوه على زيجة كقردة.

وعدّد حاجي خليفة فروع علم الهيئة مبتديا بعلم الأزياج، وذلك بمقدمة (كشف الظنون) في قوله: « وجعل من فروع الهيئة: علم الزيجات والتقويم، علم حساب النجوم، علم كتاب التقاويم، علم كيفية الأرصاد، علم الآلات الرصدية، علم المواقيت، علم الآلات الظلية، علم الأكر، علم الأكر المتحركة، علم تسطيح الكرة، علم صورة الكواكب، علم مقادير العلويات، علم منازل القمر، علم جغرافيا، علم مسالك البلدان، علم البرد ومسافاتها، علم خواص الأقاليم، علم الأدوار والأكوار، علم القرانات، علم الملاحم، علم المواسم، علم مواقيت الصلاة، علم وضع الأسطرلاب، علم عمل الأسطرلاب، علم وضع الربع المجيب والمقنطرات، علم عمل ربع الدائرة، علم آلات الساعة».

وصنع علماء الفلك في الحضارة العربية الإسلامية عددا من الأزياج كان منها:  الزيج الكبير لأبي معشر البلخي، زيج ابن حماد الأندلسي، زيج ابن السمح الغرناطي، زيج ابن الشاطر الدمشقي، الزيج الإيلخاني لنصير الدين الطوسي، ونحوها.

ومن تلك الأزياج زيج الملك المغولي التيموري ألغ بيك الذي تطلع إلى قراءته الشيخين عبد القادر بن محمد بن يحيى بن مكرم الطبري المكي، وأحمد بن الفضل باكثير الشافعي المكي، وكان بينهما وبين هذا العمل كونه باللغة الفارسية، ولذا قد التمسا من قاضي حسن العمل على تعريب هذا الزيج.

وقد لبّى قاضي حسن طلبهما وذكر بمقدمة عمله منهجه في الترجمة بقوله: « فشرعت في التعريب ملتزما عبارته من غير زيادة ولا نقصان ولا تغيير متقييدا بترتيبه من غير تقديم في العبارة ولا تأخير إلا إن دعى إلى ذلك روم الاختصار أو توضيح العبارة وإزالة ما عليها من غبار، غير أني زدت في الباب الثاني من المقالة الأولى التاريخ القبطي مع أن المصنف أهمله وألحقته بالرومي…». واستمر قاضي حسن في بيان منهجه وعمله من اختصار وإضافة وحذف ونحوها من الإجراءات التي طبقها في تعريبه.

وكان من مصورات معهد المخطوطات العربية خلال بعثته إلى اليمن عام 1985م، نسخة خطية من دار المخطوطات (صنعاء) لهذا العمل، كما يحتفظ المعهد نسخة ميكروفيليمة من نسخة دار الكتب المصورة.