سراج المريدين في سبيل الدين لابن العربي بقلم: د. عبد الله التَّوْراتي

مقالات تراثية [2]

سراج المريدين في سبيل الدين

لأبي بكر بن العربي المعافري

تعريف وتوصيف

 د. عبد الله التَّوْرَاتِي

جامعة محمَّد الخامس/الرباط

توطئة:

من الكتب التي مَنَّ الله عليَّ بخدمتها كتاب «سراج المريدين»؛ للإمام الحافظ الناقد أبي بكر محمَّد بن عبد الله ابن العربي المعافري الإِشْبِيلِي، المتوفَّى بفاس عام 543هـ، وهو مما نُشر قريبًا عن دار الحديث الكتَّانية بالمملكة المغربيَّة، وظل العلماءُ لزمان غير يسير ينتظرون خروجه، ويتشوَّفون إلى النهل منه، وقد عُرف عنه أنه ديوان معارف وخزانة علوم، وأفاد منه جمع كبير من أحبار الأمة وجلَّة أعلامها على مدى التاريخ الإسلامي الوسيع، وفي هذه الورقة تعريف عام بموضوعه ومباحثه ومسائله، ونُسخه المعتمدة، ومقدمتي الدراسية له، وخطَّتي في التحقيق والتعليق.

-1-

كتاب سراج المريدين

1/1: موضوعه وفنه الألصق به

هذا الكتاب ضمن مشروع كبير للإمام أبي بكر بن العربي، وهو مشروعه في استصلاح العلوم المرتبطة بالقرآن العظيم، وهذه العلوم التي سعى في استصلاحها هي:

القسم الأوَّل: علم التوحيد.

القسم الثاني: علم الناسخ والمنسوخ.

القسم الثالث: علم أحكام القرآن.

القسم الرابع: علم التذكير.

القسم الخامس: علم التفسير.

وأخرج إلى الناس في كل علم من هذه العلوم جملة من التآليف التي ظهر فيها شفوفه وتبريزه وإحكامه لصنعة التصنيف.

ويندرج سراج المريدين ضمن القسم الرابع، وهو علم التذكير، وسماه باسم مخالف لما درج عليه الناس في زمانه وقبل زمانه، وقصد به إلى استصلاح علم التزكية والسلوك، وما يُسميه الناسُ علم التصوف، وتنقيته مما دخله من الدواخل والدواخن.

واسم الكتاب: «سراج المريدين في سبيل الدين، لاستنارة الأسماء والصفات في المقامات والحالات الدينية والدنيوية؛ بالأدلة العقلية والشرعية؛ القرآنية والسُّنية، وهو القسم الرابع من علوم القرآن في التَّذْكِير».

وجعل ابن العربي كتابه في بابين كبيرين، وهما:

الباب الأوَّل: المقامات، وهي أربعة مقامات.

الباب الآخر: الأسماء والصفات، وهي مائة وخمسة وعشرون اسمًا وصفة.

وظهر في هذا الكتاب معرفته العميقة بعلم التصوف، وإدراكه لمقالات الصوفية، وغوصه على مقاصدهم وغاياتهم.

ولم يُخل كتابه هذا من نَقْدٍ لأكابر الصوفية؛ كالمُحاسبي، والقُشَيري، وأبي حامد الغزالي، وغيرهم من أشياخ الزهد والسلوك.

وفي تضاعيف الكتاب حديث ممتع عن سيرة ابن العربي، ورِحلاته ومناقله، وذِكْرٌ لمشيخته، وما دارسوه إياه، وما حظي به في مجالسهم.

وفيه موازنة بين بلاد المشرق وبلاد المغرب، وما جَبل الله عليه أهل الشرق من الخِلال والمكارم، وما رُزقوا من المواهب والمناقب، مفضلًا لهم على غيرهم من أهل صُقعه وبلدته.

ومن الجوانب التي ألمَّ بها «السراج» ذِكْرُه لوالده وما كان له معه، وحنينه إلى والدته، واتصال غربته بخبرها في رغبتها فيه؛ إذ كان وحيدَها.

وفيه حديث جليل عن مدارس ومعاهد العلم بمصر والشام والعراق والحجاز، وذِكْرٌ لأحوال الزهاد بتلك الديار، وما جرى عليه أمرهم.

وكتاب «السراج» مليء أيضا بذكر أحوال المجتمع، ونقد طبقاته، وذكر أسباب اختلال التدين في الناس، ومداخل إصلاح ذلك.

1/ 2: مصادره وموارده

وعوَّل في كتابه هذا على كتب الزهد والتصوف؛ ككتاب الزهد لعبد الله بن المبارك، وأحمد بن حنبل، وهنَّاد بن السَّرِي، واللطائف والإشارات لأبي القاسم القُشَيري، وإحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي، وقُوت القلوب لأبي طالب المكي.

ومن كتب التفسير التي عوَّل عليها تفسير ابن جرير الطبري، وتفسير الكشف والبيان للثعلبي، وغيرهما من كتب التفسير والمعاني.

وأما الحديث وعلومه فكان تعويله على الأصول الصحاح، التي يُسميها معصم الإسلام وكفه: الموطأ، والصحيحين، وسنن الترمذي وأبي داود والنسائي، ثم المسانيد، ثم المصنفات.

1/ 3: نسخه المعتمدة في التحقيق

وقام تحقيقي لهذا السراج على أصول عشر، اختلفت فيما بينها صحة وإتقانًا، واعتناءً وإجادةً، وهي:

النسخة الأولى: نسخة الخزانة الملكية بمراكش

هذه النسخة محفوظة بخزانة القصر الملكي بمراكش؛

رقمها: (34)؛

عدد أوراقها: (180)؛

خطها: مغربي؛

حالتها: مبتورة الطرفين، تنقصها من أوَّلها ما يقرب من ثلاث ورقات، ومن آخرها كذلك.

ناسخها: الفقيه العلَّامة صالح بن محمد اللَّمَطِي السجلماسي تـ 1179هـ.

تاريخ نسخها: كُتِبت قريبًا من عام 1147هـ، وهي السِّفْرُ الأوَّل من الكتاب.

وعلى النسخة تَمَلُّكٌ بخط الفقيه الحافظ عبد الحي الكتاني.

النسخة الثانية: نسخة أخرى بالخزانة الملكية بمراكش

وهي نسخة محفوظة بخزانة القصر الملكي بمراكش؛

رقمها: (224)؛

عدد أوراقها: (177)؛

تاريخ نسخها: رجب عام 537هـ.

خطها: أندلسي عتيق، وهي السفر الثاني من الكتاب.

حالتها: تامَّة.

وأَكْمَلَ النقص الواقع فيها -وهو ورقة واحدة- صاحبُها الفقيه صالح بن محمد اللَّمَطِي، من نسخة دار الكتب بمكناس.

وهي نسخة بلغت من النفاسة أقصاها، وحازت على خلال جليلة، وخصال نبيلة، فهي مقروءة على الإمام الحافظ أبي بكر بن العربي، وعليها خطه بصحة ذلك، في رجب من عام 537هـ.

النسخة الثالثة: النسخة الآصفية (ص)

نسخة محفوظة بالمكتبة الآصفية بحيدر آباد؛

رقمها: (2009 تصوف)؛

عدد أوراقها: (239)؛

خطها: نسخي؛

تاريخ نسخها: كتبت في 10 رمضان من عام 596هـ، بدار السنة بدمشق؛ وهي مدرسة الكلَّاسة؛

ناسخها: الإمام المقرئ المحدث، أحمد بن علي بن أبي بكر عَتيق بن إسماعيل، ابن الفَنَكِي، أبو جعفر القرطبي، نزيل دمشق، ولد في 15 شعبان من عام 528هـ، وكانت وفاته في 17 رمضان من عام 596هـ.

حالتها: وهي نسخة تامَّة.

وفي معهد المخطوطات العربية صورة عنها بالميكروفيلم، صوَّرها لنا مشكورًا الدكتور أحمد عبد الباسط.

النسخة الرابعة: مصوَّرة دار الكتب المصرية

أصلُ هذه النسخة كان عند الفقيه الإمام محمد بن المَدَنِي كنون الفاسي تـ 1302هـ، ثم اشتراها من تركته الفقيه الزِّيزِي الفاسي -كما أخبرني بذلك شيخُنا الفقيه العلَّامة الشريف سيدي محمَّد بوخبزة-، وهو بدوره باعها إلى الشيخ أحمد الغُماري.

وهذه النسخة أندلسية عتيقة، كُتِبَتْ -غالبًا- في القرن السَّابع الهجري، ومصوَّرتها تحتفظ بها دار الكتب المصرية.

رقمها: 26743ب؛

عدد أوراقها: 239؛

حالتها: تنقصها من آخرها أربع أو خمس ورقات.

وجزَّأ الناسخ هذا الكتاب إلى أجزاء ستة، ويذكر في حاشيته -وأحيانًا في المتن- انتهاء الجزء وبدايته، على العادة التي سار عليها الكَتَبَةُ والنَّسَخَةُ.

النسخة الخامسة: نسخة المكتبة الوطنية بباريس

وهي السِّفْرُ الثاني من الكتاب؛

رقمها: 7233؛

عدد أوراقها: 106؛

ناسخها: أحمد بن إبراهيم الغافقي.

تاريخ النسخ: 720هـ؛

الخط: أندلسي.

كُتبت العناوين واسم الإمام الحافظ ابن العربي ورؤوس المسائل بلون داكن، وسائره بلون بُنِّيٍّ.

وهو مُسَفَّرٌ، وعلى الجلدة زخرفة.

وهي نسخة نفيسة جليلة، صحيحة مقابلة، ولكن أضرَّت بها الرطوبة، فأَتَتْ على كثير من أوراقها، فلا تكاد تخلو ورقة من آثار البِلَّةِ، ممَّا صعَّب الإفادة منها في بعض المواطن.

النسخة السَّادسة: نسخة الإسكوريال

وهي جزء من الكتاب، من قسم الأسماء والصفات.

رقمها: 1901، ضمن خروم الإسكوريال؛

خطها: أندلسي عتيق.

عدد أوراقها: 9؛

تاريخ نسخها: القرن السَّابع ظنًّا وتقديرًا.

وهي نسخة جليلة، صحيحة مليحة، مع الحروف المجوَّدة، والكلمات المضبوطة، وانتظام الأسطر وتناسبها.

النسخة السَّابعة: نسخة خزانة ابن يوسف

وهي نسخة غير تامة، مبتورة الطرفين؛

رقمها: 697، ضمن مجموع؛

عدد أوراقها: 90؛

خطها: مغربي لا بأس به؛

حالتها: فتكت بها العِثَّةُ والأَرَضَةُ، وأتتْ على أطرافها وجوانبها، وسَلِمَ المتن من تلك التَّحَيُّفَاتِ، والورق قديم، يميل إلى الصفرة، والكتابة بمداد أسود، ورؤوس المسائل بلون داكن.

النسخة الثامنة: فَرْعٌ منتسخ من أصل ابْزُو

محفوظ بالخزانة الملكية بمراكش؛

رقمه: 171؛

عدد أوراقه: 173؛

خطه: مغربي لا بأس به؛

تاريخ نسخه: الخميس 7 ربيع النبوي عام 1358هـ؛

حالته: تام.

وهذه النسخة من كُتُبِ الإمام الحافظ عبد الحي الكتاني، استنسخها من خزانة ابْزُو، وظلَّ زمانًا ينتظر كتابتها، لعدم وجود من يقوم بذلك بتلك البلاد، إلى أن انتُسِخت له.

وجاء في آخر الفَرْعِ المعتمد عليه: «وكان الفراغ منه في منتصف ذي قعدة من عام 746هـ، فرحم الله كاتبه وكاسبه وقارئه، ورحم المسلمين أجمعين، والحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله على سيِّدنا محمد وآله وصحبه، وذلك بالمرية -حرسها الله تعالى-، على يد كاتبه الفقير إلى رحمة ربه، المستغفر من ذنبه؛ سعيد بن أحمد بن سعيد، لَطَفَ الله به».

النسخة التاسعة: مختصر سراج المريدين للمغيلي

من محفوظات الخزانة الملكية بمراكش؛

مؤلفه: أبو الرَّوْحِ عيسى المغيلي المالكي؛

رقمه: 236؛

عدد أوراقه: 46؛

خطه: نسخي؛

ناسخه: عبد الله بن محمد بن منصور المالكي.

وعلى الورقة الأولى منه جملة من الفوائد:

أوَّلها: إسناد الحافظ ابن دحية إلى «سراج المريدين».

ثانيها: شهادة ابن دحية في ابن العربي وفي كتابه هذا.

ثالثها: نقله من نسخة الحافظ مُغلطاي بن قَلِيج من «سراج المريدين»، التي انتسخها من نسخة كُتِبَتْ بخط ابن العربي.

رابعها: ترجمة مختصرة لابن العربي.

وإنما كانت إفادتُنا من هذا «المختصر» في الاستيثاق من بعض ما نُثْبِتُه أو نختاره، ولم نجد فيها ما يمكن أن يميِّزها عن غيرها.

النسخة العاشرة: نُقُولٌ من نسخة الكتبي محمد احنانه

كنتُ سألتُ الكتبي المذكور عنها، وأخبرني أنه وهبها الدكتور البحَّاثة محمد السليماني، وقال فيها: إنها نسخة أندلسية، غير تامة، ووقفتُ قديمًا -في أوَّل أيَّام الطلب- عام 1424هـ بخزانة شيخنا الفقيه محمد بوخبزة على كنَّاش له بخطه؛ فيه جمهرة من فوائدها، تبلغ خمس ورقات.

ولما سألتُ شيخنا الفقيه عنها ذَكَرَ لي أنه أفادها من نسخة الكتبي محمد احنانه، وأن النسخة غير تامة.

-2-

منهج التحقيق

2 /1: خطة التحقيق

لم تكن قراءة كتاب «سراج المريدين» بالأمر السهل، واعترضتْنا موانعُ كادت تصرفنا عن إتمام العمل، وذلك أن «مقدمة السراج» في أكثر النسخ قد لحقها من الفساد الشيء الكثير، فبعضها أتتْ عليه الرطوبة، وبعضها شاع فيه التصحيف، وبعضها فُقِدَ ولم نقف له على أثر، وكانت معاناتنا شديدة من أجل إقامة هذه «المقدمة»، التي استعصت على كثيرين، وكلما نظرتُ فيها إلَّا وتحسَّرتُ على الكتاب ألا يخرج بمقدمته التي تخيَّرها له الإمام الحافظ ابن العربي.

ومضتْ أيَّام وشهور وتلك «المقدمة» على حالها، ومع تكرر النظر فيها مرَّة بعد مرَّة كنتُ أظفر بلفظة فأقيمها وأصححها، ولم تقع الكفايةُ في نظرنا بما في نُسَخِ «السراج»، بل فتَّشنا عمَّن اعتنى أو أفاد من مقدمته تلك، حتى ظفرنا بنقل جليل للإمام ابن العديم الحلبي، فذكر تلك «التقدمة»، فابتهجنا لها وطربنا، وهكذا، حتى استوتْ تلك على سوقها.

ومع كثرة النسخ ووفرتها إلا أن الأمر لم يكن مُمَهَّدًا لنا كما ينبغي، ففي الوقت الذي تحتاج تلك النسخ أو تُعَوِّلُ على بعضها تجدها أبعد شيء عن الاعتماد والاعتضاد، فتلك اللفظة التي تريد تصحيحها تجد جميع النسخ قد أخلَّت بها، ولم تضبطها كما ينبغي، فكنا نلجأ إلى كُتُبِ ابن العربي الأخرى، ولم نطمئن إلى المنشور منها المنتشر، بل يمَّمنا شطر الأصول الخطية الصحيحة من كتبه؛ خصوصًا: «الأحكام»، و«القبس»، و«ترتيب المسالك»، و«العواصم»، و«قانون التأويل»، وقد اطَّلعنا في غالب هذه الكتب المنشورة على تصحيفات وتحريفات وأسقاط، جعلتنا لا نثق بمنشورها كل الثقة، وذكرنا ذلك في تعليقاتنا على الكتاب.

وأمر آخر تعاملنا معه بحذر شديد، وهي رموز النَّسَخَةِ والكَتَبَةِ، ففي بعضها إيهام، وفي بعضها ما لم يعتمده أهلُ هذه الصنعة الشريفة كما ورد في تلك النسخ، فكان لا بد من الحذر والتمهل والتثبت.

وكشف لنا العمل في هذا الكتاب التصحيف الذي لحق بعض كُتُبِ الفهارس والبرامج، في سياقتها لأسانيد الكُتُبِ، وبعض تلك الكُتُبِ حُقِّقَتْ من قبل علماء عارفين، ولهم خبرة وتجربة طويلة في التحقيق، وقد أُوتُوا من جهة اعتمادهم على النسخ التي اشتغلوا بها؛ من غير نظر إلى كتب أخرى تُعِينهم على ما هم بسبيله، كما هو الشأن في «فهرس ابن عطيَّة»، و«فهرس ابن خير»، وغيرها من كُتُبِ التواريخ.

وأعاننا -أيضًا- على تجويد قراءته مطالعةُ موارده ومصادره، وأعلاها وأوفاها كتاب «لطائف الإشارات» لأبي القاسم القُشَيري، فكثير من النقول مُجْتَلَبَةٌ منه، وكثيرٌ من الأنظار مُعَوِّلَةٌ عليه، لهذا إذا رأينا خللًا في العبارة أو سقطًا في الجملة أَثْبَتْنَا ذلك بين معقوفتين، مع الإشارة إلى ذلك.

وكذلك في الحروف التي أخلَّت بها النسخُ ووُجِدَتْ مضبوطة في كُتُبِ ابن العربي الأخرى، نصنع فيها ما صنعناه في سابقتها، وكذلك فعلنا في كُتُبِنا السَّالفة؛ «الأمد الأقصى»، و«المتوسط في الاعتقاد».

وإذا ورد لفظٌ على الغلط في جميع النسخ نُثْبِتُه كما هو، ونذكر في الحاشية وجه الصواب فيه، وقد نكتفي بقولنا: «كذا»، حتى ينظر فيه أهلُ العلم النَّظَرَ الوافي؛ بفِكْرٍ صَافٍ وتَدَبُّرٍ شَافٍ.

2/ 2: التوثيق والتعليق على النصوص

وسلكنا في التوثيق مسلكًا وسطًا، من غير إطالة ولا إملال، وكان نظرُنا في ذلك متجهًا إلى مصادر «السراج» وموارده، من غير اهتبال بغيرها؛ الأقدم فالأقدم، والأمثل فالأمثل.

ورجعنا في كل كلام إلى فنه المرتبط به، وعِلْمِه الملتصق به، وإذا ظهر لنا مصدره لم نحتفل بالأقدم منه؛ لما قام عندنا من دليل على ذلك، ومن دلالة على ما هنالك.

وكانت بداءتنا في كل ذلك بكُتُبِ الإمام ابن العربي، فأشرنا إليها، ودللنا عليها، ونحنُ نعلم أن الإمام الحافظ قد يذكر أمرًا ويورده في كثير من كتبه، وقد يحرر مسألة مفيدًا مما سبق له فيها من تحقيق، فنذكر موضع المسألة وموقعها، من غير أن نُعيد كلامه الذي ذكره، وكذلك في بعض ما يفسر ما أورده في هذا «السراج»، نكتفي بالإحالة من غير اجتلاب للفظه أو ذِكْرٍ لنصِّه، حتى لا نُثْقِلَ حواشي الكتاب، وحتى ينعم الأحبارُ بالنظر في هذا «السراج» من غير قاطع يقطعهم عن تتابع القراءة والتلاوة.

2/ 3: الدراسة ومباحثها

وجاءت الدراسة في مجلد تام، ترجمته باسم: «برنامج السراج»، ذكرت فيه زمن تأليفه، وموضوعه، ومحاسنه ومزاينه، ونظام ترتيبه، ونمط تأليفه، ومصادره وموارده، وطبقات المفيدين، ونقدته ومعترضيه، وغيرها من مباحث ومسائل.

2/ 4: فهارس السراج

وهي اثنان وعشرون فهرسا، في مجلد حافل، وقدَّمت لهذا الفهرس بمقدمة معرفة بما جاء فيه، وخصائص تلك الفهارس ومميزاتها.

2/ 5: عدَّة أسفار الكتاب

وهذا «السراج» في ستة أسفار، في قريب من ثلاثة آلاف صفحة، الأوَّل هو برنامج السراج، والأسفار الأربعة الأخرى هي للنص المحقق، والأخير هو لفهارس السراج.

خاتمة

هذا ما تيسَّر ذِكره في التعريف بهذا الديوان العظيم، والذي يكشف جوانب مهمة من شخصية الإمام أبي بكر بن العربي وتفنّنه في العلوم، ويكشف معالم مشروعه الإصلاحي لتنقية علم التصوف مما شابه من الدخيل غير المَرضي، وحقيقٌ بهذا الكتاب أن يُلتفت إليه الالتفاتة المرجوَّة من قبل علماء العصر، وينظروا فيه على الوفاء والاستيفاء، والله من وراء القصد، والحمد لله رب العالمين.

إرسال المشاركات لنشرها في مشروع “تراثنا” يتم عبر هذا الإيميل
turathuna@malecso.org