2- الدرة البيضاء في أحسن الفنون والأشياء لأبي زيد الأخضري (ت953 هـ)

الدرة البيضاء في أحسن الفنون والأشياء

لأبي زيد الأخضري (ت953 هـ)

أبو زيد عبد الرحمن بن محمد الصغير بن محمد بن عامر البنطيوسي البسكري الأخضري المالكي الأشعري، الشيخ الإمام الفقيه المنطقي البلاغي.

ولد على أرجح الروايات سنة 920 هـ بمدينة بنطيوس من مدن بسكرة (الجزائر)، ونشأ بها نشأة علمية، ورحل إلى جامع الزيتونة (تونس) ثم مدينة قسنطينة (الجزائر) لتلقي العلم، وعاد بعدها ليستقر بموطنه، وتوفي سنة 953هـ، وقيل: 983ه، وقبره بمسقط رأسه بزاوية بنطيوس.

تنوعت مؤلفات الأخضري بين المتون وشروحها، ومنها: (المختصر) في العبادات على مذهب مالك. و(الجوهر المكنون في صدق الثلاثة فنون) في المعاني والبيان والبديع، وشرحه. و(السلم المنورق) وشرحه. و(السراج) في علم الفلك، و(الدرة البيضاء) وشرحه، وغيرها.

تعد أرجوزة (الدرة البيضاء) منظومة علمية وفقهية من منظومات القرن العاشر الهجري ونموذجا للتكامل والتداخل المعرفي بين علمي الحساب والفرائض تنظيرا وتطبيقا في الحضارة العربية الإسلامية، فقد تضمنت المنظومة ثلاثة أقسام، وهي: مبادئ علم الحساب وقواعد علم المواريث ومسائل عملية لعلم لمواريث.

تقع المنظومة في نيف وتسعين وأربعمائة بيتا بخلاف المقدمة، ومطلعها:

الحمدُ للهِ العليمِ الوارثِ

الدائمِ الفردِ القديمِ الباعثِ

وقد فرغ الشيخ الأخضري من نظمهما في شهر رمضان الكريم سنة 946ه، حيث يقول:

وقد فرغتُ من جميع النظم

بأفضل الشهور شهر الصوم

مِن ستة لأربعين مكمّلة

من بعد تسعمائة محصّلة

وقد زاحمت (الدرة البيضاء) المنظومة الرحبية (بغية الباحث) المتن الأشهر في علم الفرائض بحلقات الدرس ومجالس اشتغال طلبة العلم والعلماء خلال القرن العاشر الهجري وما تلاه، فقد حظيت المنظومة بالقبول لديهم.

وتعددت شروحها وكان المؤلف أول شرّاحها، ومن الشروح التي تلت شرح المؤلف شرح تلميذه عبد اللطيف المسبح المرداسي (ت980هـ). وشرح  محمد بن إبراهيم فتاتة التونسي (ت1115هـ). وشرح محمد بن حسين الدرناوي الليبي (ت 1199 هـ‍). وشرح محمد بن أحمد ابن عليش المغربي المصرى (ت1299هـ). وشرح محمد بن علي بن عمر ابن عمر القزاح (ت1323 هـ‍). شرح محمد الصادق بن محمد بن محمد المساكني الشطي (ت1364 هـ‍) ، وغيرها.

وكثرت النسخة الخطية للمنظومة بمكتبات المغرب والجزائر وتونس ومصر والعراق والسعودية ونحوها من البلاد العربية، فضلا عن المكتبات الغربية كمكتبة برنستون (الولايات المتحدة الأمريكية) ومكتبة جوتا (ألمانيا) وغيرها.

وتحتفظ مكتبة الحرم المكي (السعودية) بثلاثة نسخ خطية؛ النسخة الأولى والثانية بخط النسخ ، تحت قسم الفرائض ويحملان أرقام (20، 21)، والنسخة الثالثة بخط مغربي تحت قسم الحساب وتحمل رقم (9).

ومن النسخ الخطية لتلك المنظومة التي تمثل نموذجا للتواصل الحضاري في التراث العربي النسخة الأولى رقم (20 فرائض)، فقد نسخت في يوم المولد النبوي -حسب أشهر الأقوال- في الثاني عشر من شهر ربيع الأول بمدينة مكة المكرمة في المسجد الحرام على دكة باب الوداع سنة 1263 هـ، واشتغل بنساختها الشيخ الفقيه النحوي شيخ الشافعية بعُمان في زمانه محمد صالح بن محمد بن علي بن عبد الغفور الفارسي العُماني الشافعي الأزهري (ت1304هـ)، ونص قيد الفراغ من النساخة: “قد وقع الفراغ من كتابة هذه المنظومة الشريفة ثاني عشر ربيع الأول سنة 1263 في مكة المشرفة في المسجد الحرام على دكة باب الوداع على يد أقل عباد الله محمد صالح بن محمد بن علي الفارسي الشافعي…”.