21- الأستاذ الدكتور حسن الشافعي  

21- الأستاذ الدكتور حسن الشافعي  

زيارة العلامة الأستاذ الدكتور حسن الشافعي  

9 / 9 / 1969

استقبل المعهد بتاريخ 9 / 9 / 1969 الأستاذ الدكتور النظَّار المتكلِّم حسن محمود عبداللطيف الشافعي (ولد 1930) الرئيس السابع لمجمع اللغة العربية بالقاهرة (2012 – 2020)، وأستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم.

استهدفت الزيارة تكبير الصفحة الأولى والأخيرة من نسخة شهيد علي (1694) (المعهد 174 التوحيد والملل والنحل) من كتاب غاية المرام في علم الكلام للآمدي (ت631هـ)، لوضعهما قبل النص المحقَّق من هذا الكتاب الذي نشره الدكتور الشافعي عن تلك النسخة الفريدة سنة 1971 في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، لجنة إحياء التراث الإسلامي، الكتاب (24)، ويعد تحقيق الكتاب في الأساس جزءًا من رسالته في الماجستير من كلية دار العلوم سنة 1969 بعنوان (سيف الدين الآمدي المتكلم الأشعري المتوفى سنة 631هـ). كان قد أشرف عليها الدكتور محمود قاسم عميد كلية دار العلوم الأسبق، وناقشها الدكتور يحيى هويدي، والدكتور إبراهيم بيومي مدكور الرئيس الرابع لمجمع اللغة العربية بالقاهرة خلفًا للدكتور طه حسين. والتي أتم نشر القسم الثاني منها بعد ذلك في “دار السلام” بالقاهرة بعنوان (الآمدي وآراؤه الكلامية) سنة 1998م.

من جانب المعهد فقد وافق مديره بالإنابة الدكتور قاسم مهدي الخطاط (من العراق) على طلب الدكتور الشافعي الذي كتبه إبان عمله معيدًا بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة، وكتب الخطاط أسفل الطلب في نفس يوم كتابة الوثيقة: يصور المخطوط المطلوب عاجلًا رجاء! قاسم الخطاط، 9 / 9 /1969.

يقول محمد أبو الفضل إبراهيم رئيس لجنة إحياء التراث الإسلامي في تصديره لكتاب غاية المرام للآمدي ص (5): النسخة التي عثر عليها الأستاذ حسن محمود عبداللطيف من هذا الكتاب هي نسخة وحيدة لم يعثر على سواها، على كثرة ما بُحث ونُقِّب، وهذه النسخة من نفائس المخطوطات بمكتبة شهيد علي بإستانبول؛ مما صوره معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية.

ويقول الدكتور الشافعي في مقدمة تحقيقه للكتاب ص (19) عن النسخة: توجد هذه النسخة بمعهد المخطوطات – بجامعة الدول العربية بالقاهرة تحت رقم 174 علم التوحيد، وهي مصورة عن نسخة خطية موجودة في مكتبة (شهيد علي) باستانبول تحت رقم 1964 (…) وقد أمكن طبع صورة من النسخة المحفوظة بالمعهد المذكور لحساب مكتبة كلية دار العلوم وهي الصورة التي اتخذتها أساسًا لعملي في التحقيق.

عرف الدكتور الشافعي خمسة من أعلام المعهد عن كثب وازدادت معرفته بهم يومًا من بعد يوم، وهؤلاء هم: الطناحي والحلو، ورشاد، والخولي والشنطي، وقد ذكر طرفًا من ذلك في تصديره لكتاب صيحة في سبيل العربية (2013) تحرير وتعليق أحمد عبدالرحيم، حيث يقول ص (12): انتقل الأستاذ الطناحي، ومعه زميله الدكتور عبدالفتاح الحلو (أحد كبار محققي النصوص، وقرين الطناحي وشريكه في إخراج طبقات الشافعية للشيخ عبدالوهاب السبكي) بحكم توجُّههما التحقيقي، وما زالا طالبين إلى (معهد المخطوطات) بـ(جامعة الدول العربية)، ومعهما زميلٌ سابقٌ لي هو الدكتور محمد مرسي الخولي، والأستاذ الفلسطيني/ الأردني (فقيد عالم التحقيق في العام الماضي) الأستاذ عصام الشَّنْطي. ويرأس المجموعة الأستاذ محمد رشاد عبد المطلب، وكان حينها بمثابة (السكرتير العام) لـ(معهد المخطوطات) معاونًا لمديره آنذاك الأستاذ مختار الوكيل في تصريف الشؤون الإدارية، ومنسِّقًا بين المعهد وبين الدكتور طه حسين (مسؤول الجانب الثقافي في “جامعة الدول العربية” حينها).

وقد انتفع الدكتور الشافعي بعلاقته بأعلام المعهد؛ إذ سعى أحدهم – وهو الأستاذ رشاد عبدالمطلب- من غير ما طلبٍ منه في نشر تحقيقه لكتاب (غاية المرام) للآمدي سنة 1971، وقد حكا الدكتور الشافعي في مقطع صوتي له قصة مسعى رشاد حيث يقول: نظرًا لاشتغالي بهذا الأمر (تحقيق النصوص) منذ أربعين عامًا أو نحو أربعة وأربعين عامًا، وقد أثنى الناس على غاية المرام في علم الكلام، وقد علم  الله أني ما قدمته لأحد، ولكن كان هناك رجل اسمه رشاد عبد المطلب، وكنت قد انقطعت عن العلم والتعليم؛ فلما عدتُ إليه في سنة 1960 وكان محمود الطناحي وعبدالفتاح الحلو أصدقاء لي، لجأْتُ إليهما، وكان هناك الأستاذ رشاد عبدالمطلب، وهو الذي عندما فرغتُ من كتابي حمله إلى لجنة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وسعى حتى نُشر، ولم يكن لي -علم الله- أي دور إلا عندما علمتُ أنه نُشر.

المصدر: محاضرة للدكتور حسن الشافعي على قناة مؤسسة الفرقان بلندن بعنوان (تحقيق نصوص علم الكلام)، دقيقة [16 – 18].

وقد أكَّد تسطير هذا الكلام في كتاب (الآمدي وآراؤه الكلامية) حيث يقول في تصديره: يسر الله تعالى إصدار هذا الكتاب الذي مضى على إعداده نحو ثلث قرن، حيث كان مع تحقيق كتاب (غاية المرام في علم الكلام) أول بحث جامعي يكتب عن الآمدي المتكلم، في أواخر الستينيات من هذا القرن، فصدر (غاية المرام) عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة في مطلع السبعينيات، بمسعى كريم من المرحوم الأستاذ رشاد عبد المطلب الذي فقدته الدراسات التراثية في العقد اللاحق، فرحمه الله وجزاه عني خير الجزاء وأوفاه.

أضفْ إلى جميل علمِك عزْوَ العلامة الشافعي إلى بعض مصورات المعهد في ثبت هذا الكتاب (الآمدي وآراؤه الكلامية) ص (561)، وهي: المطالبة العالية للفخر الرازي، وتلخيص المطالب العالية للآمدي، وطبقات الشافعية الوسطى للسبكي.

جدير بالذكر أن هذه الزيارة لم تكن الأولى من نوعها بل قد تلاها بضعُ زياراتٍ أُخَرَ للمعهد، وهي على التسلسل كالآتي:

1)   زيارة بتاريخ (4/ 7 / 1971) للحصول على ثلاثة عناوين لنصير الدين الطوسي (ت672هـ)، هم:

رسالة في كيفية صدور الموجودات.

وفصل في بيان أقسام الحكمة على سبيل الإيجاز.

ورسالة إثبات الجوهر المفارق للطوسي بشرح جلال الدين الدواني.

2)   وزيارة بتاريخ (11 / 5 / 1972) للحصول على كتابين أيضا لنصير الدين الطوسي، هما:

بيان المصادرة المشهورة للحكماء.

ومُصارع المُصارع.

كانت هذه المصورات بغرض الاستعانة بها في أطروحته للدكتوراه التي عَنْوَنَ لها بـ(نصير الدين الطوسي وآراؤه الكلامية والفلسفية) في كلية دار العلوم بالقاهرة، بيدَ أنه لم يتمها، وعدل عنها إلى الرحلة إلى جامعة لندن – كلية الدراسات الشرقية والإفريفية 1973 ومنها حصل على الدكتوراه سنة 1977 عن أطروحته “تطور علم الكلام الاثنا عشري في القرن السابع الهجري”.

وقد أسفر عن تلك المخطوطات التي درسها الدكتور الشافعي وجلبها من المعهد تحقيق كتاب (أساس الاقتباس في المنطق) الذي ألفه بالفارسية نصير الطوسي وترجمه إلى العربية العالم التركي منلا خسرو. وذلك بالاشتراك مع الدكتور محمد السعيد جمال الدين، ونشر بالمجلس الأعلى للثقافة 1999. وقد أشارا في دراستهما للكتاب إلى مجلة المعهد وبعض أبحاثها المنشورة عن الطوسي حيث جاء ص (10): وجدنا في مجلة معهد المخطوطات بالجامعة العربية م 2 سنة 1960 م ج 2 ص 331 أنه توجد مجموعة (؟) رسائل منسوبة للطوسي في المنطق ضمن مجلد يضم كتابه (تجريد المنطق) وكتابه (تعديل المعيار) أيضا مع كتب أخرى لغيره بالمكتبة الوطنية الملكية بطهران تحت رقم 5925 مما قد يوحي بأن تلك الكتب المنطقية شيء مغاير للكتب والرسائل التي سبق وصفها هنا.

3) وزيارة بتاريخ (9/ 10 / 1972)؛ لتكبير (11 ورقة) من كتاب (تلخيص كتب أرسطو المنطقية لابن رشد)، فيلم خاص.

4) وزيارة في اليوم التالي بتاريخ (10 / 10 / 1972)؛ لتكبير  (44 ورقة) كتاب (كتاب القياس) من مخطوطة: (تلخيص كتب أرسطو المنطقية لابن رشد).

5) وزيارة بتاريخ (21 / 1 / 1973)؛ لتكبير (30 لوحة) من كتاب (البرهان) لابن رشد، على نسخة ميكروفيلم مملوكة له، كان أحضرها معه إلى المعهد.

*

توطدت صلة المعهد بالعلامة الشافعي حفظه الله قديمًا كما رأينا، كما انتظمت رحم العلم والصلة به حديثًا؛ فكان من أثر ذلك أن نظَّم له المعهد تكريمًا خاصًّا به بالمنتدى التراثي الثالث (2016) بعنوان (الفَلْسَفي الكَلَاميّ، إحياء النص وإحياء الوظيفة)، وشارك في المنتدى التراثي الرابع في احتفالية المعهد باليوم العالمي للغة العربية (2016)، كما شارك على رأس المحاضرين في الاحتفالية نفسها سنة (2019)، وألقى المحاضرة (28) في سلسلة المحاضرات المباشرة التي نظمها المعهد (2020) بعنوان: في ذكرى الحاضر الذي لا يغيب: تُراث (رسوم) الحُبِّ ومدونةُ الدفاعِ والذبِّ.