42 – د. عبدالعزيز الأهواني 

42 -د. عبدالعزيز الأهواني 

من أرشيف معهد المخطوطات العربية

نشرة [42] مشاهير مروا على المعهد

1444هـ – 2023

زيارة عميد الدراسات الأندلسية

د. عبدالعزيز الأهواني 

لوضع مخطط إنشاء مجلة معهد المخطوطات العربية 1\8\ 1954

تكشف وحدة الأرشيف والوثائق بالمعهد عن الخدمات والمجهودات العظيمة التي قدَّمها للمعهد الأستاذ الدكتور عبدالعزيز الأهواني (ولد 1915 – توفي 1980)، وذلك من خلال وثيقة خطية كتبها لمدير المعهد الثاني د. صلاح المنجد بتاريخ (11 أغسطس 1954) ينص فيها على زيارته للمعهد في غُرَّة شهر أغسطس من العام نفسه. تضمنت الوثيقة المكونة من (3 صفحات) من القطع الكبير مقترح مشروع إنشاء مجلة معهد المخطوطات العربية التي صدر عددُها الأول بعد عام واحد (1955) من مقترح الأهواني بشأن إنشاء المجلة (1954)، وقد تعرض الأهواني في رسالته للمنجد للحديث عن أبواب المجلة ومجالاتها وموضوعاتها وما ينبغي أن ينشر فيها.

ومن قبل كان الأهواني على صلة وثيقة بالمعهد ورجالاته، فقد استعان به مدير الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية الأستاذ أحمد أمين ومدير المعهد الأول د. يوسف العش في تصوير بعض المخطوطات المنتقاة من مكتبة الإسكوريال سنة (1949)، والمكتبة الوطنية الفرنسية بباريس سنة (1950)، وفي سبيل إنجاح ذلك كان بين أمين والعش والأهواني مجموعة من الرسائل المتبادلة، بحسب ما تظهره وحدة الأرشيف والمحفوظات بالمعهد.

ومن بعدُ كان الأهواني عضوًا في اللجنة الاستشارية لمعهد المخطوطات العربية سنة (1976).

*

-1- جهود عبدالعزيز الأهواني في معهد المخطوطات العربية

أشار المعهد في العدد الأول من مجلته (1\129) أثناء حديثه عن بعثاته حتى سنة (1955) إلى أنه بالإضافة إلى ذلك عَهِد المعهد إلى علماء متخصصين في إسبانيا، وإنجلترا، وفرنسا، وألمانيا، تصوير بعض المخطوطات القيمة في مكتباتها. ولكنه لم يصرح بأسماء هؤلاء العلماء. ونحن الآن نكشف عن أحد هؤلاء العلماء الذين استعان بهم المعهد على تصوير المخطوطات في أوربا، وهو الدكتور عبدالعزيز الأهواني، فقد استعان به المعهد على تصوير المخطوطات في إسبانيا وفرنسا. يوضح ذلك الآتي:

1-1: تصويره لمخطوطات مكتبة الإسكوريال

تُظهر وثيقةٌ خطية بالمعهد كتبها الدكتور الأهواني للدكتور يوسف العش من إسبانيا بتاريخ (17 \ 8 \ 1949) دهاليزَ العمل على تصوير المخطوطات من مكتبة الإسكوريال بإسبانيا، يقول فيها: أخي العزيز يوسف (…) فقد مضت مدة طويلة دون تكاتب بيننا كنت فيها مشغولًا. والوقت لمن اعتزم الرحيل عن إسبانيا بعد عامين فيها يضيق في أيامه الأخيرة ويستبد بصاحبه فمعذرة. كنت قد ذكرت للأستاذ عبدالمحسن الحسيني أن الجهات الرسمية لم تكتب إلينا حتى ذلك الوقت مصرحة بالتصوير. والآن انتهى هذ الإشكال فجاء الإذن. وشرع المصور منذ زمن في تصوير المخطوطات من الإسكوريال وأمس سلّم إلى المفوضية المصرية بمدريد الدفعة الأولى (…). سترسل إليكم الكتب أي الأفلام عن طريق الخارجية في الحقيبة السياسية (الدبلوماسية). والأفلام مثبت على غلافها رقم الكتاب وعنوانه وعدد أوراقه وكذلك على الصورة الأولى من الفيلم البيانات الكافية (…) سأترك إسبانيا إلى فرنسا في 29 الحالي. ولا أدري إذا استطاع المصور إتمام كل المخطوطات المطلوبة قبل سفري أم يبقى منها شيء. على كل حال هو معروف من المفوضية وبين يديه قائمة الكتب المطلوبة والأوراق الخاصة التي يضعها أمامها عند التصوير ويستطيع مباشرة العمل في غيابي ويسلمه [ورقة [1] إلى المفوضية ويتسلم السعر. وسأتصل به دائما من فرنسا أيضًا حتى ينتهي العمل كما نشتهي. وسأشتري في فرنسا آلة تصوير وأسعى للسفر إلى شمال أفريقية لتصوير أشياء (…) وأخيرًا أرجو أن تحمل أصدق تحيتي واحترامي إلى أساتذتنا الأجلاء أحمد أمين بك وساطع الحصري بك ومعالي السنهوري باشا (عبدالرزاق)، وسأكتب لكم حين أصل إلى فرنسا ذاكرًا عنواني وإن كنتم تستطيعون إذا احتجتم إلى مخاطبتي أن تكتبوا على السفارة المصرية في باريس.

2-2: تصويره لمخطوطات المكتبة الوطنية الفرنسية

وفي رسالة أخرى كتبها الأهواني للدكتور يوسف العش من باريس بتاريخ (8\ 6 \ 1950) بشأن تصوير بعض المخطوطات من المكتبة الوطنية الفرنسية للمعهد: قابلتُ أمس الدكتور طه (يعني حسينًا) وذكر أنه قد تقرر فتح المعهد الإسلامي في إسبانيا (معهد فاروق الأول = المعهد المصري للدراسات الإسلامية) في نوفمبر المقبل، وأنني سأذهب للعمل فيه هنالك. وأرجو أن تخبروني عما تم في مخطوطات الإسكوريال وهل وصلت جميعها أم لم تصل ؟ لأوجد للمسألة حلًّا إن كان المصور قد تأخر فأسند العمل لغيره. عبدالعزيز.

3-3: وضعه مخطط إنشاء مجلة معهد المخطوطات العربية

وفي ما يتعلق بدهاليز العمل على إنشاء مجلة معهد المخطوطات العربية تُظهر وثيقةٌ خطية كتبها د. عبدالعزيز الأهواني لمدير المعهد الثاني د. صلاح الدين المنجد، كتابتَه للمعهد مخطَّطًا لإنشائها. نكشف اليوم عن نص هذه الرسالة الجديدة في الفقرة الآتية:

[نص الرسالة]

مشروع مجلة لمعهد إحياء المخطوطات العربية

سيدي الأستاذ الجليل (صلاح الدين المنجد)

تحية طيبة (وبعد)

فيسعدني أن أكتب لسيادتكم اليوم مُتعرِّضًا لأمر المجلة التي دار حولها الحديث في مكتبكم أول هذا الشهر بشأن معهد المخطوطات بالجامعة العربية.

وفي الحق إن المهمة التي وُكلتْ بالمعهد المذكور والسياسة التي رسمت له منذ أنشئ لمهمة خطيرة وإنها لسياسة ترمي إلى هدف نبيل بعيد الأثر في حياتنا الثقافية.

لقد رأى من فكُّروا في إنشاء المعهد – وكنت على قرب منهم – أن التراث العربي مفرق بين الشرق والغرب في مئات المكتبات التي تضم آلاف المخطوطات. ورأوا أن كتابة تاريخ الحضارة العربية لا يمكن أن يتم إلا إذا وُضع تحت تصرف العلماء كل ما بقي من هذا التراث بأن يجمع في مكان واحد ما تفرق في أماكن كثيرة. وقد قام المعهد بمجهود مشكور في هذا السبيل فجمع قدرًا كبيرًا من صور تلك الكتب من الآستانة ودمشق والقاهرة والإسكندرية وحلب وبيروت والقدس ومن بعض مدن الغرب في إنجلترا وإسبانيا. ولا يزال المجال واسعًا وينبغي أن يتضاعف العمل ليكتمل جمع التراث المشتت.

ثم كانت [الخطوة الثانية] أن يصدر المعهد فهرسًا لما اجتمع لديه من هذه المخطوطات ليعرفها الناس ويستطيعوا الانتفاع بها. فأصدر المعهد فهرسًا مبدئيًّا منذ سنوات بما اجتمع لديه، محدود النسخ قام بتوزيعه على بعض المراكز العلمية، وهو الآن في صدد إصدار فهرس مطبوع أوسع وأشمل من السابق.

وكنتُ أود بعد تسجيل هاتين المرحلتين أن أسجل أسماء من كان لهم الفضل في إنجاز هذا العمل الضخم، وإذا كان المجال لا يتسع لذكرهم فلا ينبغي أن أنسى فضل من حرمنا الموت من جهوده وهو أستاذنا المرحوم أحمد أمين رحمه الله رحمة واسعة وجزاه خير جزاء.

ثم جاءت [المرحلة الثالثة] في تاريخ المعهد -وينبغي أن أذكر أن الفضل فيها لسيادتكم- وهي أن يبدأ المعهد بنشر بعض كنوز هذا التراث العربي. واتفق المجتمعون بمكتبكم على اختيار كتاب قيّم يكون فاتحةً لعمل مجيد طويل – إن شاء الله – هو كتاب سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي. وإنا لنرجو أن تتوفر الوسائل المادية التي تمكن المعهد من السير قُدُمًا بعزم وعلى نطاق واسع جدير باسم الجامعة العربية في نشر هذا التراث.

والآن نعرض [للمرحلة الرابعة] التي نتمنى أن يتم تحقيقها بفضل مجهودكم أيضًا، وهي المجلة العلمية التي أشرنا إليها آنفا.

الغرض من المجلة – كما أتصور- هو في المقام الأول التعريف الدقيق المفصل بالتراث […. تآكل أطراف الورقة] المساهمة في دراسته دراسة علمية حديثة […. تآكل أطراف الورقة]  [ورقة 1] المكتبة العربية القديمة من الضخامة والسعة والتنوع بحيث جهلت جوانب كثيرة منها وصعب على أكثر الباحثين معرفة القيِّم من مخطوطاتها والتمييز بين ما هو أصل منها وما هو فرع. فكان جديرًا بالمعهد الذي يضطلع بجمع هذا التراث أن يعرِّف به. ويمكن أن تكون المجلة مشتملة على مقالات تتناول النواحي الآتية:

أولا) وصف تفصيلي لبعض المخطوطات النادرة ذات الأهمية الخاصة من الناحية العلمية والتي يمكن أن تكون ذا أثر بعيد في تاريخ العلوم العربية. وذلك لتنبيه الدارسين إليها ومحاولة الانتفاع بها انتفاعًا كاملًا. وواضح أن هذا العمل غير الفَهْرَسَة فهذه مجالها ضيق محدود.

ثانيًا) تقوم المجلة بنشر فهارس المكتبات الخاصة أو العامة التي لم تفهرس من قبل. وفي كل قطر عربي مكتبات من هذا النوع يسمع عنها الناس ولا يعرفون ما تنطوي عليه من تراثنا القديم.

ثالثًا) تتسع المجلة لنشر فهارس لكتب التراث وخاصة الكتب الضخمة منها والتي تقوم العقبات المادية دون سرعة نشرها ليستعين الباحثون بهذه الفهارس ويهتدون إلى موضع الحاجة من هذه الكتب الضخمة.

رابعًا) تقوم المجلة بنشر بعض الرسائل القديمة أو النصوص القصيرة القيمة نشرًا علميًّا محقَّقًا يكون نموذجًا للناشرين ومساهمة في إذاعة التراث العربي وتمكين الناس منه.

خامسًا) تعرض المجلة لما يطبع من التراث العربي وما يكتب عنه عرضًا نقديًّا نزيهًا فيه تعريف بما صدر وفيه إرشاد للقارئ ثم هو سجل للمطبوعات نفتقر إليه.

سادسًا) تتسع المجلة بعد ذلك للأبحاث العلمية التي تتناول الحضارة العربية من مختلف نواحيها. وإنما أخرنا هذا العمل مع علمنا بعظيم خطره لأننا نريد أن تكون المجلة وثيقة الصلة بمعهد المخطوطات، لها شخصيتُها بين المجلات العلمية، ولها هدفُها الواضح المحدد.

*

ولست في حاجة لأن أذكر أن العالم العربي يفتقر إلى مجلة من هذا النوع افتقارًا شديدًا بل إن الدارسين من المستشرقين أيضًا يحتاجون إلى مثل هذه المجلة ويشعرون بما تستطيع أن تسديه من خدمة جليلة لكل دراسة تتصل بالحضارة العربية أو الإسلامية. وإنه ليؤسفنا ويخجلنا أن يكون لهؤلاء المستشرقين عشرات المجلات التي تتناول الحضارة العربية القيمة ولا يكون في العالم العربي كله ما يقابل به هذا النشاط الضخم من جانب الغربيين. فلو قامت الجامعة العربية بإصدار مثل هذه المجلة لردت للعالم العربي بعض اعتباره من الناحية العلمية التي تتصل بأمسّ ما يملك وهو تراثه. ثم إن هذه المجلة ستكون مجالًا نافعًا للتعاون العلمي بين العرب أنفسهم وبينهم وبين المختصين من الأوربيين وستكون حافزًا لخلق جيل عربي جديد يدرس ماضيه دراسة علمية مستنيرة على أسس سليمة. وبهذا [… تآكل] أيضا قد أدَّتْ بعض ما وُجدت من أجله وهو التقريب بين الأقطار [… تآكل] بناء مستقبلنا على أساس وطيد من دراسة ماضينا [… تآكل] [ورقة2] المخطوطات وإلى ما يجب أن يبادر بتصويره منها.

وهنالك بعد ذلك تفصيلات لا يتسع المجال هنا لسردها. إلا أنني أتصور أن يصدر من المجلة عددان في العام، يكون العدد منها في حجم كتاب بين مائتي وثلاثمائة صفحة. كما أقترح أن تحمل اسم المعهد فتكون بعد ذكر (الجامعة العربية) “مجلة معهد إحياء المخطوطات”.

سدد الله خطاكم ووفقكم إلى ما فيه الخير وحقق على يديكم ما يتمناه الباحثون والعلماء من الحق والخير. والسلام.

رأس البر في 11 أغسطس 1954

عبدالعزيز الأهواني

مدرس بكلية الآداب

جامعة القاهرة

*

انطلاق مجلة معهد المخطوطات العربية:

وفي شهر رمضان المعظم من شهور سنة 1374هـ الموافق لشهر مايو سنة 1955م، أطلق المعهد أول مجلة علمية محكمة في العالم العربي تُعنى بشؤون المخطوطات والتراث. يقول د. صلاح الدين المنجد في فاتحة المجلة ص (3-4) معرِّفًا بها: هذه أول مجلة في البلاد العربية تخصص للبحث في المخطوطات وتاريخها، ولعل مثيلاتها في البلاد الغربية قليلات. (…) سيجد العلماء في هذه المجلة أبحاثًا عن المخطوطات العربية في كل مكتبة من مكتبات العالم، وأبحاثًا للتعريف بالمخطوطات وما اشتملت عليه من ثقافة نادرة، استطاع العرب أن يحكموا بها، لأن الثقافة تفعل ما لا تفعله القوة. وكذلك سيجدون فيها انعكاسًا لنشاط المعهد وما يقوم به من أعمال مختلفة: كتصوير المخطوطات، أو نشرها، أو إحصاء ما نشر منها، أو التنويه بمن يحققونها، أو مساعدة العلماء في أعمال النشر والتحقيق، ولن تخلو المجلة من رسائل نادرة تنشر أو نصوص ذات شأن تحقق.

مشاركة د. عبدالعزيز الأهواني في بحوث المجلة:

وعند انطلاق مجلة المعهد شارك الأهواني في نشر بعض أبحاثه فيها، وهي على الترتيب الزمني الآتي:

في المجلد الأول، الجزء الأول (1955) نشر بحثًا بعنوان (كتب برامج العلماء في الأندلس)، ص (91-120).

وفي المجلد الأول، الجزء الثاني نشر نصًّا محققا بعنوان (برنامج ابن أبي الربيع) ص (252-271).

وفي الجزء نفسه نشر نقدًا لكتاب (المغرب في حلى المغرب) لابن سعيد بتحقيق د. شوقي ضيف، ص (311-316). وفي المجلد الثاني نشر المعهد رد الدكتور شوقي ضيف عليه، تحت عنوان (رد علي نقد: كتاب المغرب في حلى المغرب لابن سعيد). ص (377-381).

وفي المجلد الثالث، الجزء الأول، والثاني نشر بحثًا بعنوان (ألفاظ مغربية من كتاب ابن هشام اللخمي في لحن العامة) ص (127-157) و(285-321).

وفي المجلد الرابع، الجزء الأول نشر المعهد له مقالًا بعنوان: (مسائل ابن رشد) ص (1958) ص (73-76).

وختامًا: في سنة (1976) اختير الأهواني عضوًا في اللجنة الاستشارية لمعهد المخطوطات العربية بصحبة: محمود شاكر (مصر)، ومحمد بهجة الأثري (العراق)، وعبدالله الطيب (السودان)، ومحمد المنوني (المغرب)، وشاكر الفحام (سورية)، وإحسان عباس (فلسطين)، وإسماعيل علي الأكوع (اليمن)، ومحمد الحبيب بلخوجة (تونس)، وعبدالله الوهيبي (السعودية)، وصبحي الصالح (لبنان). وتثبت محاضر الاجتماعات الرسمية للمعهد حضوره ومشاركته في شؤون المعهد وما يتخذ من قرارات مستقبلية.كما كان الأهواني عضوًا في لجنة تقويم معهد المخطوطات العربية وتطويره بصحبة: محمود شاكر، وحسين نصار وسعد الهجرسي.

رحم الله الأستاذ الدكتور عبدالعزيز الأهواني وجزاه الله خيرًا على ما قدّم للمعهد من خدمات جليلة، وعلى ما قدّمه طيلة عمره للأمة الإسلامية والعربية.